فتأمل جيدا (١).
الوجه الثاني : إن الثبوت في السابق موجب للظن به في اللاحق.
وفيه : منع اقتضاء مجرد الثبوت للظن بالبقاء فعلا ولا نوعا ، فإنه لا وجه له أصلا إلا كون الغالب فيما ثبت أن يدوم مع إمكان أن لا يدوم ، وهو غير معلوم ، ولو سلم ، فلا دليل على اعتباره بالخصوص ، مع نهوض الحجة على عدم اعتباره بالعموم (٢).
______________________________________________________
امضاء الشارع مع وجود ما يصلح للردع من الشارع ، والى هذا اشار بقوله : ((فيما لا بد في اتباعه من الدلالة على امضائه)).
(١) يمكن ان يكون اشارة الى ان العمومات الناهية عن اتباع غير العلم لو سلّمنا صلاحيتها للردع عن السيرة ، الّا ان ما ذكره هناك من كون سياقها في مقام اصول الدين يمنع عن كونها في معرض الردع عن السيرة لان موردها الفروع.
ويمكن ان يكون اشارة الى ان كون ما دلّ على البراءة او الاحتياط رادعا للسيرة انما هو لاقتضاء السيرة الحجيّة مطلقا ، وما سيأتي من المصنف من دلالة الاخبار على حجيّة الاستصحاب مطلقا ـ ايضا ـ ينافيه ما دلّ على البراءة او الاحتياط ، لبقائه من غير مورد ايضا فيما لو كان الاستصحاب حجة مطلقا. فما يجاب به عن اطلاق حجية الاستصحاب اذا كان دليله الاخبار ، يجاب به عمّا اذا كان دليله السيرة. والله العالم.
(٢) وحاصل هذا الوجه : ان اليقين السابق يلازمه الظن بالبقاء. ولا يخفى انه لو تمت دعوى ملازمة الظن اللاحق بالبقاء لليقين السابق بالثبوت ، وحجية هذا الظن ، لكان الاستصحاب امارة لا اصلا.
وعلى كل فيرد عليه : أولا : منع هذه الدعوى ، وانه لا ملازمة بين اليقين والثبوت في السابق وبين الظن اللاحق بالبقاء ، لوضوح ان لكل من اليقين والظن والشك اسبابا تخصها وعللا توجبها ، ومن البيّن انه لا ملازمة بين علل هذه الامور ،