ظاهرة في اعتبار الاستصحاب في الشبهات الحكمية والموضوعية (١) ، واختصاص المورد بالاخيرة لا يوجب تخصيصها بها ، خصوصا بعد
______________________________________________________
(١) الغرض شمول دليل الاستصحاب لكل من الشبهة الحكمية والموضوعية.
وتوضيح ذلك يحتاج الى بيان امور :
الاول : ان المتيقن في الشبهة الحكمية هو الحكم الكلي ، كما لو شككنا ـ مثلا ـ في وجوب صلاة الجمعة في حال الغيبة. والمتيقن في الشبهة الموضوعية هو المجعول الجزئي ، ولكنه تارة يكون نفس المجعول الجزئي هو المتعلق لليقين ، كالطهارة الوضوئية في الصحيحة فانها بنفسها مجعول شرعي. واخرى يكون المتيقن هو الموضوع للحكم المجعول ، كالخمر المشكوك خمريته بعد اليقين بخمريته ، او الماء المشكوك طهارته بعد اليقين بطهارته .. فظهر ان المتيقن في الشبهة الموضوعية أمر جزئي.
الثاني : ان العنوان في قضية لا تنقض هو عنوان اليقين والشك ، وهو بمدلوله يشمل ما كان متعلقه الحكم الكلي والحكم الجزئي ، سواء كان بنفسه متعلق اليقين أو كان موضوعه هو المتعلق له.
الثالث : ان كون مفاد الاستصحاب هو جعل الحكم المماثل لا يستلزم تصرفا وتأويلا ، لان جعل الحكم المماثل مستفاد من لازم المدلول المطابقي الذي هو النهي عن نقض اليقين المكنى به عن البناء العملي على طبق ما كان ، المستلزم ذلك لجعل الحكم المماثل في ظرف الشك ، فتارة يكون حكما كليا مماثلا للحكم الكلي المتيقن ، واخرى يكون حكما جزئيا مماثلا للحكم المتيقن ، وثالثة يكون حكما جزئيا مماثلا لحكم الموضوع المتيقن.
فاذا عرفت هذا ... فنقول : ان المستفاد من قضية لا تنقض تنزيل متعلق الشك منزلة متعلق اليقين بهذا العنوان الشامل للشبهتين ، وكون هذا العنوان الشامل يرجع الى جعل حكم مماثل للحكم تارة ولحكم الموضوع اخرى لا يقتضي تصرفا وتأويلا ، وحاله كشمول حديث الرفع للشبهة الحكمية والموضوعية بعنوان كونه مما لم يعلم.