فصل
إذا دار الامر بين وجوب شيء وحرمته ، لعدم نهوض حجة على أحدهما تفصيلا بعد نهوضها عليه إجمالا (١) ، ففيه وجوه : الحكم بالبراءة عقلا ونقلا لعموم النقل ، وحكم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة للجهل به ، ووجوب الاخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا ، والتخيير بين الترك والفعل عقلا ، مع التوقف عن الحكم به رأسا ، أو مع الحكم عليه بالاباحة شرعا ، أوجهها الاخير (٢) ، لعدم الترجيح بين
______________________________________________________
(١) دوران الامر بين وجوب الشيء وحرمته منوط بامرين :
الاول : العلم اجمالا بان الحكم الواقعي يدور بينهما ، ولا مجال فيه لبقية اقسام الحكم من الاستحباب والكراهة والاباحة الواقعية.
الثاني : عدم نهوض الحجة على احدهما بخصوصه ، كما اذا اختلفت الامة في المسألة على قولين ، قول فيه بالوجوب ، وقول آخر بالحرمة ، فبناء على ان اختلاف الامة على قولين يوجب نفي الثالث ، فيعلم اجمالا بان الواقع يدور بينهما ، وحيث فرض اختلاف الامة على قولين فلا تكون الحجة في المقام ناهضة على خصوص احدهما بعينه لا غير وقد اشار الى الامر الثاني بقوله : ((لعدم نهوض حجة على احدهما بخصوصه)) واشار الى الامر الاول بقوله : ((بعد نهوضها)) أي بعد نهوض الحجة ((عليه اجمالا)) أي على الدوران بين الوجوب والحرمة وان الحكم الواقعي هو احدهما لا غير.
(٢) الوجوه في هذه المسألة التي اشار اليها في المتن خمسة :
الاول : الحكم فيه بالبراءة عقلا ونقلا ، اما عقلا فلعدم المانع من جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيه ، واما نقلا فلعدم المانع من شمول ادلة البراءة النقلية كمثل ما لا يعلمون ودليل الاباحة مثل قوله عليهالسلام : (كل شيء لك حلال ... وإلى هذا اشار بقوله : ((الحكم بالبراءة عقلا ونقلا ... الى آخر الجملة)).