ولا وجه لترجيح احتمال الحرمة مطلقا ، لاجل أن دفع المفسدة أولى من ترك المصلحة ، ضرورة أنه رب واجب يكون مقدما على الحرام في صورة المزاحمة بلا كلام ، فكيف يقدم على احتماله احتماله في صورة الدوران بين مثليهما (١)؟
______________________________________________________
فاذا كان هذا الاحتمال موجودا في مقام الدوران بين الوجوب والحرمة بان كان ذو المزية هو الوجوب فلا بد من تقديمه ، ولذا قال : ((وكذا وجب ترجيح ذي المزية في صورة الدوران)) بين الوجوب والحرمة فالملاك الموجب للترجيح في الواجبين المتزاحمين موجود في مقامنا وهو صورة الدوران بين الوجوب والحرمة ، فيوجب الترجيح ايضا والتقديم لذي المزية ، فحكم العقل بالتخيير في مقامنا مشروط بعدم احتمال الاهمية لاحدهما.
(١) حاصله : الدفع لما يمكن ان يتوهم : من انه بعد الحكم بلزوم الترجيح لذي المزية فلا بد في مقام الدوران بين الوجوب والحرمة ان يتقدم جانب الحرمة لانها هي الواجدة للمزية المرجحة على جانب الوجوب ، ولذا ذهب بعضهم لتقديم احدهما معينا وهو الحرمة على الوجوب كما مر ذكره في ضمن الوجوه الخمسة ، والوجه في تقديم جانب الحرمة هو ان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة ، بعد وضوح كون الحرمة ناشئة عن المفسدة في الفعل والوجوب ناشئا عن المصلحة التي هي المنفعة في الفعل ، فدائما يكون التقديم في مقام الدوران بين الوجوب والحرمة لجانب الحرمة على جانب الوجوب ، فيكون حكم العقل هو التعيين دون التخيير.
والجواب عنه : انا لا نسلم كون دفع المفسدة دائما اولى من جلب المنفعة ، فانه كثيرا ما تكون مصلحة اهم من مفسدة ، فمع العلم بالمصلحة والمفسدة لا تتقدم المفسدة على المصلحة دائما ، فلا يتقدم جانب الحرمة المعلومة على جانب الوجوب المعلوم دائما ، فكيف يتقدم احتمال المفسدة على احتمال المصلحة دائما؟ كما في صورة الدوران بين الوجوب والحرمة فان كلا من المفسدة والمصلحة محتملة فيه.