لعلكم تذكرون ) (١) ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد ، شاهدة بغرائزها على أن لا غريزة لمغرزها ، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه غير خلقه ، كان ربا إذ لا مربوب ، وإلها إذ لا مألوه ، وعالما إذ لا معلوم ، وسمعيا إذ لا مسموع.
ثم أنشأ يقول :
« ولم يزل سيدي بالحمد معروفا |
|
ولم يزل سيدي بالجود موصوفا » |
« وكنت (٢) إذ ليس نور يستضاء به |
|
ولا ظلام على الآفاق معكوفا » |
« وربنا بخلاف الخلق كلهم |
|
وكل ما كان في الأوهام موصوفا » |
« فمن يرده على التشبيه ممتثلا |
|
يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا » |
« وفي المعارج يلقى موج قدرته |
|
موجا يعارض طرف الروح مكفوفا » |
« فاترك أخا جدل في الدين منعمقا |
|
قد باشر الشك فيه الرأي مأووفا » |
« واصحب أخا ثقة حبا لسيده |
|
وبالكرامات من مولاه محفوفا » |
« أمسى دليل الهدى في الأرض منتشرا |
|
وفي السماء جميل الحال معروفا » |
قال : فخر ذعلب مغشيا عليه ، ثم أفاق ، وقال : ما سمعت بهذا الكلام ، ولا أعود إلى شيء من ذلك.
قال مصنف هذا الكتاب : في هذا الخبر ألفاظ قد ذكرها الرضا عليهالسلام في خطبته (٣) وهذا تصديق قولنا في الأئمة عليهمالسلام إن علم كل واحد منهم مأخوذ عن أبيه حتى يتصل ذلك بالنبي صلىاللهعليهوآله .
٤٤ ـ باب حديث سبخت اليهودي
١ ـ أبي رحمهالله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن
__________________
١ ـ الذاريات : ٤٩.
٢ ـ في البحار وفي نسخة ( ج ) و ( و ) ( وكان ـ الخ ).
٣ ـ هي الحديث الثاني في الباب الثاني ، ورواه الكليني في باب جوامع التوحيد من الكافي ، ومذكور في نهج البلاغة مع زيادات.