أيكم أحسن عملا ) فإنه عزوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لأنه لم يزل عليما بكل شيء ، فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك.
٥٠ ـ باب العرش وصفاته
١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهالله قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العرش والكرسي ، فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة (١) فقوله : ( رب العرش العظيم ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : ( الرحمن على العرش استوى ) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية الأشياء (٢) ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي (٣) لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما
__________________
١ ـ ( سبب ) مضاف إلى ( وضع ) بصيغة المصدر ، أي للعرش في كل مورد في القرآن اقتضى سبب وضعه وذكره في ذلك المورد صفة على حدة ، وفي نسخة ( هـ ) ( له في كل سبب وضع في القرآن وصفة على حدة ) وفي نسخة ( ط ) والبحار ( له في كل سبب وصنع في القرآن صفة على حدة ). وبعض الأفاضل قرأ الجملة ( في كل سبب وضع ) على صيغة المجهول.
٢ ـ الكيفوفية بمعنى الكيفية مأخوذة من الكيف ، وهو سؤال عن حال الشيء يقال : كيف أصبحت أي على أي حال أصبحت ، فملك الكيفوفية ملك الأحوال الواقعة في الأشياء والأمور الحاصلة فيها بعد إيجادها ، فإنه تعالى مالك الايجاد ومالك ما يقع في الموجودات بعد الايجاد ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ).
٣ ـ أي ثم العرش في حال كونه متصلا بالكرسي مرتبطا به متفرد منه متميز عنه ، أو المعنى : ثم العرش متفرد من الكرسي ومتميز عنه في وصله بالأمور الواقعة في الكون فإنه متصل بها مؤثر فيها بلا واسطة ، وأما العرش فمقدم على الكرسي ومؤثر فيها بواسطته ،