إن الله كل يوم في شأن ، يحيى ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من ندامة ، وهو ظهور أمر ، يقول العرب : بدا لي شخص في طريقي أي ظهر ، قال الله عزوجل : ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) (١) أي ظهر لهم ، ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعفف عن الزنا زاد في رزقه وعمره.
١٠ ـ ومن ذلك قول الصادق عليهالسلام : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني ، يقول : ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي.
١١ ـ وقد روي لي من طريق أبي الحسين الأسدي رضياللهعنه في ذلك شيء غريب ، وهو أنه روى أن الصادق عليهالسلام قال : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي إذا أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم ، وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر ، إلا أني أوردته لمعنى لفظ البداء والله الموفق للصواب (٢)
٥٥ ـ باب المشيئة والإرادة
١ ـ أبي رحمهالله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : المشية محدثة (٣).
__________________
١ ـ الزمر : ٤٧.
٢ ـ لا إشكال في الروايتين ، وهو من القسم الثالث من البداء على ما ذكرنا فراجع.
٣ ـ تقدم هذا الحديث بعينه في الباب الحادي عشر من الكتاب ، ومشيئة الله تعالى تارة تؤخذ باعتبار تعلقها بأفعاله تعالى فهي عند الحكماء وأكثر المتكلمين قديمة من صفات الذات وعند أئمتنا صلوات الله عليهم وبعض المتكلمين كالمفيد (ره) حادثة من صفات الفعل على ما يظهر من أحاديث جمة في هذا الكتاب في هذا الباب والباب الحادي عشر والباب السادس