٦٢ ـ باب إن الله تعالى
لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم
١ ـ أخبرني أبو الحسين طاهر بن محمد بن يونس بن حياة (١) الفقيه ببلخ ، قال :
__________________
مسجده إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال : يا محمد إلى ما تدعو؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، قال : يا محمد أخبرني عن هذا الرب الذي تدعو إلى وحدانيته وتزعم أنك رسوله كيف هو ، قال : يا يهودي إن ربي لا يوصف بالكيف لأن الكيف مخلوق وهو مكيفه ، قال : فأين هو؟ قال : إن ربي لا يوصف بالأين لأن الأين مخلوق وهو أينه ، قال : فهل رأيته يا محمد؟ قال : إنه لا يرى بالأبصار ولا يدرك بالأوهام ، قال : فبأي شيء نعلم أنه موجود؟ قال : بآياته وأعلامه ، قال : فهل يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال : يا يهودي إن ربي ليس بحال ولا محل ، قال : فكيف خروج الأمر منه؟ قال : باحداث الخطاب في المحال ، قال : يا محمد أليس الخلق كله له؟! قال : بلى ، قال : فبأي شيء اصطفى منهم قوما لرسالته؟ قال : بسبقهم إلى الاقرار بربوبيته ، قال : فلم زعمت إنك أفضلهم؟ قال : لأني أسبقهم إلى الاقرار بربي عزوجل ، قال : فأخبرني عن ربك هل يفعل الظلم؟ قال : لا ، قال : ولم؟ قال : لعلمه بقبحه واستغنائه عنه ، قال : فهل أنزل عليك في ذلك قرآنا يتلى؟ قال : نعم ، أنه يقول عزوجل : ( وما ربك بظلام للعبيد ) ، ويقول : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) ويقول : ( وما الله يريد ظلما للعالمين ) ويقول : ( وما الله يريد ظلما للعباد ) قال اليهودي : يا محمد فإن زعمت أن ربك لا يظلم فكيف أغرق قوم نوح عليهالسلام وفيهم الأطفال؟ فقال : يا يهودي إن الله عزوجل أعقم أرحام نساء قوم نوح أربعين عاما فأغرقهم حين أغرقهم ولا طفل فيهم ، وما كان الله ليهلك الذرية بذنوب آبائهم ، تعالى عن الظلم والجور علوا كبيرا ، قال اليهودي : فإن كان ربك لا يظلم فكيف يخلد في النار أبد الآبدين من لم يعصه إلا أياما معدودة؟ قال : يخلده على نيته ، فمن علم الله نيته أنه لو بقي في الدنيا إلى انقضائها كان يعصي الله عزوجل خلده في ناره على نيته ، ونيته
__________________
١ ـ في نسخة ( و ) خيرة : وفي نسخة ( هـ ) خيوة.