شيء علم ما علم أبضمير أم بغير ذلك؟ (١) قال الرضا عليهالسلام : أرأيت إذا علم بضمير هل تجد بدا من أن تجعل لذلك الضمير حدا ينتهي إليه المعرفة؟! قال عمران : لا بد من ذلك (٢) ، قال الرضا عليهالسلام : فما ذلك الضمير؟ فانقطع ولم يحر جوابا ، قال الرضا عليهالسلام : لا بأس ، وإن سألتك عن الضمير نفسه تعرفه بضمير آخر؟! فقال الرضا عليهالسلام : أفسدت عليك قولك ودعواك يا عمران ، أليس ينبغي أن تعلم أن الواحد ليس يوصف بضمير ، وليس يقال له أكثر من فعل وعمل وصنع وليس يتوهم منه مذاهب وتجزئة كمذاهب المخلوقين وتجزئتهم (٣) فاعقل ذلك وابن عليه ما علمت صوابا.
__________________
الصورة الذهنية إنما يحتاج إليها ليتعين المعلوم عن غيره عند العالم وهو يحصل بنفي الغير عنه وتحديده بحدود نفسه ، ولم يكن في علم الشيء بنفسه معلوم يخالف نفس الشيء حتى يحتاج في تعينه إلى نفي ذلك الغير بتحديد المعلوم الذي هو نفسه ، و ( من ) في قوله : ( ما علم منها ) بيانية ، والضمير يرجع إلى نفسه.
١ ـ هذا سؤال عن علمه تعالى بغيره ، والمراد بالضمير هو الصورة الحاصلة من ذات المعلوم في نفس العالم ، فأفحمه عليهالسلام أولا بأن لا بد في الحكم بكون علمه تعالى بالضمير من أن تعرف الضمير وتحدده ، فهل تقدر على ذلك ، فأظهر العجز ، ثم أغمض عليهالسلام عن ذلك وتسلم أنك تقدر على التعريف ، فهل تعرفه بضمير آخر أم لا ، فقال : نعم أعرفه بضمير آخر ، فأثبت عليهالسلام بذلك فساد دعواه وفرض كون علمه بضمير ، وبيان ذلك : أن كل علم بكل شيء لو كان بالضمير والصورة الذهنية لكان العلم بنفس الصورة أيضا بصورة ذهنية أخرى فيلزم التسلسل في الصور ولا يحصل العلم بشيء أبدا ، فالعلم بنفس الصورة الذهنية إنما هو بحضور الصورة نفسها ، فإذا أمكن أن يكون علمنا ببعض الأشياء بحضوره عند نفوسنا أمكن أن يكون علمه تعالى بالأشياء كلها بحضورها عنده ، فليكن ذلك لئلا يتوهم انثلام وحدته تعالى ، وإلى هذا أشار عليهالسلام بقوله : ( يا عمران أليس ينبغي أن تعلم ـ الخ ) ، وفي نسخة ( و ) و ( هـ ) ( أن تعرف ـ الخ ).
٢ ـ في نسخة ( فقال : نعم ، قال الرضا ).
٣ ـ في البحار وفي نسخه ( هـ ) و ( ج ) و ( ب ) ( تجربة ) بالراء المهملة والباء الموحدة