وأزمنة القمر وساعات اليوم وخصوصا باختلاف العروض ، ومما له فعل عظيم كذلك على تشكله سعة السهول وحرارتها والأشجار الكبيرة التي توجد فيها ومجاورة الجبال والبحار ، وأما اتجاه وسرعة سيره فهما ناشئان من اتجاه الرياح وسرعتها ومن مجامع الجبال وسلاسلها التي يظهر أنها أحيانا تجذبها ، وأحيانا تطردها وتدفعها ، وإذا أردت أن تعرف السحاب معرفة جيدة فشاهده على مهابط الجبال وارتفاعه من أعماق الأودية ، وكذلك يحتاج لمشاهدته أيضا على رأس جبل شامخ محاط به وفي جزيرة منعزلة في وسط المحيط فإن في هذه الأماكن يمكن أن تشاهد السحب في جميع أزمنة تكوينها ، وعند ما يتم تأليفها تشاهد كأنها أمواج في بحر مضطرب مغطى بالزبد والأسباب التي تحدث تغيرات في شكل الغمام لها فعل أيضا على ارتفاعه وعلوه في الجو ، ويختلف هذا الارتفاع لا إلى نهاية فإن من السحاب ما يزحف حوالينا ويحيط بنا ، ومنه ما يكون مرتفعا. هذا وكثيرا ما يشاهد في بعض البلاد العالية جدا عن سطح البحر غمامة صغيرة مسودة أو مبيضة يظهر كأنها تدفع إلى ذلك الارتفاع بسبب مخصوص ، فإذا بطل تأثير ذلك السبب اتجهت الغمامة جهة الأرض واتسعت في رأي العين فتشاهد السماء كأنها مغطاه ببرقع معتم مظلم يتسلط عليه البرق فيشققه من جميع الجهات ، فحينئذ تمزقه الصاعقة وتتلفه في لحظات قليلة ، ثم بعد ذلك بقليل تنشتت تلك الغمامة أو يرجع لها شكلها الأصلي فتصعد ببطء إلى موقفها الأول ، وهذا الغمام يصل إليه بواسطة التشعع كثير من الحرارة ، ومن التراب والمواد الكائنة على ظهر الأرض.
(الثالث الندى والطل):
من المشاهدات أن سطح الأرض وبعض الصخور وأوراق النباتات والأزهار ومعظم ما يوجد في البلاد المعتدلة وفي العروض الحارة تغطي في الصيف قرب طلوع الشمس بقطرات صغيرة من ماء ، وذلك يحصل من تكاثف الأجزاء المائية التي تصعدت مدة الليل ، فإذا نزلت درجة الحرارة إلى غاية انخفاضها صارت سائلة ، والغالب حصول ذلك قبل طلوع الشمس ، وأما ما نسميه هنا بالطل فهو أجزاء مائية تتصعد مدة حرارة النهار ، وترسب بعد غروب الشمس ببعض لحظات على الأجسام ، بنفس السبب المذكور في الندا ، فهو ندا يتجلد كلما سقط على الأجسام ، وإذا علق بالأجسام أو إذا علق بالأشجار المجردة من خضرتها كان على هيئة عناقيد أو شماريخ بلورية أو قضبان مثل قضبان الفضة ، فإذا طلعت الشمس ذابت تلك العناقيد والقضبان تدريجيا.