(الشرط الرابع وهو الدليل الرابع المسام):
المسام التي هي خاصية من خواص الأجسام عبارة عن الأخلية التي تكون بين أجزائها سواء كانت كبيرة كما في الإسفنج أو صغيرة ، وتلك الأخلية تكون في الأجسام النامية الحيوانية والنباتية مملوءة بالسوائل ، وفي غير النامية مملوءة بالغازات ؛ ولذا يشاهد عند وضع السكر والإسفنج في الماء وجود فقاقع على سطح الماء وما ذاك إلا من صعود الهواء الذي كان منحصرا في المسام ، واختلاف المسام بالكبر والصغر والكثرة والقلة هو السبب في اختلاف زنة الأجسام المتساوية في الحجم الظاهري الذي هو مادة مع المسام في الحالة الطبيعية.
وأما الحجم الحقيقي فهو كمية مادة الجسم بقطع النظر عن المسام والكثافة تراكم الأجزاء المادية للجسم في حجم ؛ ولذا كان المكعب من القصدير أكثف من مكعب مماثل له من خشب الفلين وتفاوت زنتها يكون على حسب كمية أجزائها ، والحرارة لا تمدد الأجسام إلا من مسامها فتبعد أجزاء الجسم عن بعضها ، والأجسام كلها ذات مسام ، والمعادن أكثرها اندماجا ومع ذلك ينفذ الماء في مسامها ؛ ولذا لو أخذت كرة مجوفة من الذهب والفضة أو أي معدن كان وملئت ماء وسدت سدا محكما ، ثم ضعط وطرق عليها بقوة لنفذ الماء من مسامها ولو لا ذلك لما جعل الله الأرض فراشا لنا.
(الشرط الخامس وهو الدليل الخامس المرونة):
المرونة : خاصية بها تميل الأجسام إلى العود لحالتها الأصلية إذا انقطع عنها تأثير القوة التي أحالتها عن تلك الحالة بجذب أو مصادمة أولى أو ضغط أو ثني أو نحو ذلك ، فمن ذلك الوتر الحاني للقوس فإنه إذا انقطع رجع القوس إلى تمدده ، والدحروجة التي من العاج إذا سقطت على سطح صلب جدا كالرخام فإنه يحصل فيها سطح على حسب اتجاه محورها العمودي وانفراش على حسب محورها الأفقي ، وبالجملة فأكثر الأجسام مرونة هو أسرعها عود إلى حالته ، وقد تكتسب المرونة في الأجسام من الصناعة ، فإن النحاس إذا طرق عليه ، وهو بارد اكتسب مرونة أكثر مما إذا طرق عليه وهو مسخن ، وكذا الحديد المتحد بالفحم ، أعني الذي صار فولاذا فإنه إذا سقي صار مرنا جدا وسهل الكسر وسقيه يكون بغمره في سائل بارد ليبرد بسرعة وتزول مرونته بتسخينه حتى يحمر ، ثم يتركه حتى يبرد بنفسه تدريجيا ، وتزول أيضا بتوالي الضرب بقوة شديدة بعرض صفائح منه بكل العرض في آن واحد على سطح مستو من نحو خشب أو سطح ماء كما يفعل أهل شغالة السيوف عند امتحانها فإنهم