حتى تكون له كمية الحركة التي انبعث بها في أول أمر الأم ينتج أنه متى تذبذب دامت ذبذبته ما لم يعارضه الهواء ، أو الاحتكاك الخفيف لنقطة التعلق فيكون سببا لوقوفه لكن الغالب أنهما لا يؤثران إلا قليلا شيئا فشيئا ، فبندول معلق تعليقا جيدا يتذبذب ساعات كاملة من غير انقطاع ولأجل تحصيل ذلك عملوا البندول المسمى بالمركب ، وهو قضيب معلق فيه جسم ثقيل عنبسي الشكل لثقل مقاومة الهواء له ذبذبته تسمى بالذبذبة المتساوية الزمن لكونها تتم في مدد متماثلة ، والبندول الذي قرب من وقوفه تكون ذبذبته متساوية الزمن كذبذبته الأولى وإن لم تكن المسافة التي يقطعها حينئذ إلا كسور من مسافة الذبذبة الأولى ، وحينئذ فالمدة متماثلة وإن تغيرت المسافة المقطوعة وطبيعة مادة العدسة لا تؤثر في هذه المدة شيئا وإذا كان هناك جملة بنادل لها سوق متخالفة في الطول كانت مدة ذبذبتها على نسبة جذور أطوال السوق فلو كانت البنادل ثلاثة ، ونسبة أطوالها لبعضها كواحد وأربعة وتسعة كانت مدة الذبذبة كواحد واثنين وثلاثة والتي هي جذور واحد وأربعة وتسعة ، فإذا قوبل البندول الذي طوله واحد بالذي طوله أربعة وبالذي طوله تسعة وجد التذبذب مرتين في مقابلة واحدة لبندول الأربعة وثلاثة في مقابلة واحدة لبندول التسعة ومعظم ما مر في البندول البسيط الذي يفرض بحسب اصطلاح هذا العلم اجتماع مادته كلها في نقطة واحدة.
وأما البندول الستيني لكونه يتذبذب في كل دقيقة ستين ذبذبة فتكون له في كل ثانية ذبذبة واحدة ، وطول هذا البندول يكون في عرض خمسين درجة تسعمائة وثلاثة وتسعين جزءا من ألف من متر وثمانية آلاف ومائتين وسبعة وستين جزءا من عشرة آلاف جزء ، فهذا الطول إذا علق بغير هذا العرض من أقسام الأرض اختلفت سرعة ذبذبته ؛ لأن جذب الأرض يختلف باختلاف محال سطحها ، وهذا مما يستدل به على كروية الأرض ، وبعضهم شاهد في عرض خمسة أن بعض البنادل يضرب ثواني في أزمنة أطول من أزمنة الثواني التي في عرض خمسين فاضطر إلى تقصيرها بنحو خط وربع حتى استقامت له الذبذبة الستينية ، ولما احتاج الأمر إلى البحث عن سبب هذا الفرق وارتحل لذلك جماعات إلى أقاليم عديدة وامتحنوا ذلك ظهر لهم أنهم كلما قربوا من أحد القطبين قصرت مدة الذبذبة فلزمهم الجزم بأن السبب في ذلك القرب من مركز الأرض وبأن محورها القطبي لكون كرتها مفرطحة من ناحية القطبين أقل طولا بالنسبة للمركز من محورها الاستوائي بالنسبة إليه أيضا ، وفي الحقيقة المقدار الذي يذبذبه المحور الاستوائي واحد وكسور من ثلاثمائة وثمانية ، وهو بالفراسخ أربعة وسبعة أعشار تقريبا ، وبالمتر عشرون ألف وستمائة وستون من شعاع المحور الاستوائي ؛ لأن شعاع هذا المحور