الحيوان أسهل من تولدها عند أكل النبات ؛ لأن المشابهة هناك أكمل وأتم ، والغذاء الحيواني إنما يحصل من إسامة الحيوانات ، والسعي في تنميتها بواسطة الرعي ، وهذا هو الذي ذكره الله تعالى في الإسامة ، وأما الغذاء النباتي فقسمان :
حبوب وفواكه ، أما الحبوب فإليها الإشارة بلفظ الزرع ، وأما الفواكة فأشرفها الزيتون والنخيل والأعناب ، أما الزيتون فلأنه فاكهة من وجه وأدام من وجه آخر لكثرة ما فيه من الدهن والمنافع.
(المبحث الرابع في زيت الزيتون):
هذا الزيت يستخرج من الثمر النضيج بعصره الذي يفعل بطرق مختلفة فسموا بالزيت البكر ما يحصل بعصر الثمر في المعصرة عقب الجني حالا ، وهو الأحسن والمستعمل في الطب لزوما ، وطعمه عذب مقبول عطري ، ولونه مخضر ، ولكن الغالب أنه لا يعصر من الثمر إلا بعد تخميره ، فأول ما ينال منه يكون أصفر عذبا مقبولا.
والمنال أخيرا بالعصر على الحرارة أقل سعة ، وذلك هو المستعمل في معامل الصابون وزيت الزيتون الجيد الصفة يصح في الاستعمال الطبي أن يؤخذ بدل الزيوت الأخر ، وزنوخته أقل سهولة من زنوخة زيت اللوز الحلو ، ويستعمل هذا الزيت غذاء عاما ، وفيه خاصية الإرخام والتلطيف ، والمقدار الكبير منه ملين أي مسهل بلطف فيستعمل في الآفات الالتهابية التي في الرئتين والقناة المعوية ، ويكون شديد النفع في بعض أحوال من التسمم بالجواهر الحريقة ، وينجح جيدا في مضادة الديدان ، ثم في أغلب المستحضرات الطبية التي يكون قاعدة لها يفضل زيت الزيتون على زيت اللوز الحلو لكونه أقل زنوخة منه ، ولا يخشى جفافه مثله ، ويختار منه ما كان عذب الطعم مقبولا ضعيف الرائحة الواصفة له.
(المسألة الرابعة) :
وفيها مباحث :
(المبحث الأول) :
اعلم أن امتياز النخيل والأعناب من بين سائر الفواكه ظاهر معلوم ، وكما أنه تعالى لما ذكر الحيوانات التي ينتفع الناس بها على التفصيل ، ثم قال في صفة البقية : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النّحل : الآية ٨]. فكذلك هاهنا لما ذكر الأنواع المنتفع بها من النبات قال في