صفة البقية : (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [الرّعد : الآية ٣]. تنبيها على أن تفصيل القول في أجناسها وأنواعها وصفاتها ومنافعها تأتي على التوالي :
(المبحث الثاني في النخيل):
هذه الفصيلة النخلية يوجد فيها نباتات تؤخذ من ثمارها أدوية مرخية ملطفة كالتمر والنارجيل والدوم ، وهذه الأشجار جليلة مباركة يوجد فيها أكثر من مائتي نوع من الأشجار ، ولم يعرف إلى الآن معرفة جيدة إلا نحو نصفها ، وجذعها بسيط يعلو عن الأرض كثيرا ، ويكون متفلسا أو متوجة قمته بإكليل من ورق مجنح وأزهارها ثنائية النوع محوية في غلاف مسمى بالكوز ، وبعد تمزيقه يظهر الثمر معلقا بعراجين وشماريخ يتكون منها سباطات جميلة المنظر.
والأزرار الفرعية لبعض الأنواع تؤكل كالخرشف والجذع المستقيم المعتدل له استعمالات في العمارات والأبنية ، فقد يشق من الوسط ، وتسقف به البيوت ويسهل ثقب باطنه من المركز ليمر الماء منه مع كونه صلبا لا يسلط عليه السوس ، ومن الجذوع ما يحتوي على نخاع مغذ يمكن استخراجه منه ويصنع منه دقيق مغذ يسمى «ساجو» ، ومن الأنواع ما يعمل منه خبز ، ويصنع من وريقات النخيل ما فيه منافع كثيرة كالحصر والزنابيل الأزرار الانتهائية لتلك الجذوع يوجد فيها أوراق طرية لعابية غذائية تسمى «بالجمار» ، وهي لطيفة المأكل تطبخ أحيانا كالخرشف مع الأفاويه ، وتؤكل سلطات.
ومن نوع النخيل ما له عصارة نباتية كثيرة صافية سكرية تستخرج بثقب الشجرة أعلى عن سطح الأرض ببعض أقدام فتكون مشروبا حلوا لذيذا مرطبا لسكان ما بين المدارين ، ومن الأنواع ما يخرج منه من ذلك مقدار كبير ، وإذا صعد نيل معه نوع عسل لذيذ سكر إذا ترك حتى ينخمر تخمر ، فإذا ترك حتى يحمض نيل منه خل ، وأما الثمار فهي كثيرة متنوعة لا حصر لها ، فمنها المر والحمضي والسكري والزيتي بحيث إن بعضها مأكول وبعضها غير نافع للإنسان.
والحب في الجميع ، أي النوى مملوءة عادة بالجنين الذي يكون أولا لبنيا ، ثم لوزيا ، ومنه ما يستخرج منه دهن ينفع للتغذية والاستصباح ، وذلك الأجسام في بعض الأمراض وغير ذلك ، وأنفع تلك الثمار للتغذية هو التمر المسمى في الابتداء «بالبلح».
(المبحث الثالث في التمر والبلح الآتيين من النخيل):
أزهاره مزدوجة النوع ، أعني أن الأزهار المذكورة توجد على شجرة والمؤنثة على