أخرى ، ولا تنفع المذكرة إلا للتلقيح ، ولا تعقب ثمارا أصلا ، والشجرة الحاملة لها تكون دائما أدق قامة ، ويتم التلقيح للمؤنثة بإحدى كيفيتين ، إما بأن تؤخذ بعض شماريخ يسيرة من الأزهار المذكرة بعد شقها الكوز ، وتوضع بين شماريخ الأزهار المؤنثة التي خرجت سباطاتها من كوزها فتلقى الأزهار المذكرة المادة الدقيقة الملقحة على الأزهار المؤنثة فتتلقح منها ، إما بأن يحمل الهواء تلك المادة من الأزهار المذكرة ، ويلقيها على الأزهار المؤنثة فتلقح من ذلك كما قال تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [الحجر : الآية ٢٢]. وتلك المادة الملقحة المسماة بالطلع فيها رائحة المني واضحة وربما كانت كرائحة الجبن العتيق الرومي.
(المبحث الرابع في الصفات النباتية للنخل):
الشجرة جميلة المنظر والقوام ، ويرتفع من جذرها الليفي المجتمعة أليافه ببعضها جزع أي ساق عمودية اسطوانية قطرها من قدم إلى قدم ونصف ، وارتفاعها من أربعين قدما إلى ستين ، بل أكثر بدون أن يتفرع منها فروع أو أغصان جانبية ، وفي ذلك الجذع وسيما جزءه العلوي خشونة كثيرة آتية من قاعدة الأوراق التي تفصل وتزال كل سنة من القمة ، وتقل تلك الخشونة كلما تزل الجذع إلى أسفل بحيث تقرب قاعدته للملاسة إذا عتق وتنتهي قمة الجذع بإكليل واسع مكون من أوراق على هيئة الكف والأصابع طولها من ثمانية أقدام إلى اثني عشر ، بل أكثر ، وهي عمودية القاعدة ريشية تسمى الجريدة.
والأزهار سواء المذكرة أو المؤنثة محمولة على شماريخ متفرعة من ساق ، ويقال لمجموع ذلك : سباطة تخرج من كوز جلدي وحيد ينشق من جانب واحد فتخرج منه تلك الشماريخ الزهرية الخارجة مع كوزها من آباط الأوراق الكأس من مزدوج مستدام لا يسقط ففي المذكرة يكون الكأس الخارج أقصر ووحيد القطعة على شكل طبسي ذي ثلاثة أسنان وثلاث زوايا ، والكأس الباطن مكون من ثلاث قطع مقعرة جلدية ينتهي كل منها بنقطة معوجة من قمتها ، والذكور ستة وأعسابها قصيرة وحشفاتها طويلة.
وأما الأزهار المؤنثة فقطع كأسها الباطن أرق وأعرض ومستدير منفرجة الزاوية والمبايض ملامسة لبعضها بجوانبها الباطنية حيث تكون مسطحة ، وأما جوانبها الخارجة فمحدبة وكل مبيض منها وحيد البذرة ، والغالب أن لا يتلقح إلا واحد من هذه الثلاثة ، وأما المبيضان الآخران فيلتفان قبل كما لهما ، وقد يوجد أثرهما في الثمرة النضيجة.
(المبحث الخامس في الصفات الطبيعية للتمر):
التمر قبل نضجه يسمى بلحا فإذا نضح فهو البسر ، ثم يكون رطبا ، ثم تمرا وهو نووي