غير أنه يولد خلطا ورياحا غليظة ، ويضر الصدر ، ويقوي السعال ، ويصلحه العسل أو الشراب السكنجبين ، وقالوا : إن ماءه مع ماء الحصرم إذا طبخ حتى يغلظ وينشف كان غاية في قطع الدمعة وجرب الأجفان.
وأما الطلع الذي هو لقاح النخل فهو الذي في الظروف المسمى بالكيزان بحيث يكون كصغار اللؤلؤ منضود متراكما فإذا انفتح خرج منه الدقيق الأبيض الدسم الذي رائحته كرائحة المني تلقح به إناث النخل ، وهو ينفع من الالتهاب والعطش والحميات والإسهال والنزيف ونفث الدم ، ويحرش المعدة خصوصا بالسكر غير أنه بطيء الهضم موجع للصدر مبرد للمعدة والكلى ، وتصلحه الحلاوات مثل السعتر والناعم منه مهيج للباه رائحته تهيج شهوة النساء.
«تنبيه» :
سموا بالنبيذ الخلي عصارة تنال بثقب الساق ، أو بقطع جزء من قمة كثيرة من أصناف النخيل ، وتجنى في أوان مدة الليل عادة ، وإن كانت جديدة كانت نخامية عذبة مقبولة الشرب مرطبة ، ولا تحفظ على تلك الحالة إلا أربعا وعشرين ، ساعة أو ستا وعشرين ، ثم تحمض وتصير خلا جليلا فهي مشروب ثمين في البلاد الحارة ولا سيما التي بين المدارين ، وإذا شرب منها مقدار كبير أسكر كسكر النبيذ وربما كانت ينبوعا لانحزام الصحة وتنال بالأكثر من النارجيل ونخل البلح وغير ذلك من الأصناف ، وإذا أخذت تلك العصارة من الشجرة جملة مرات صارت تلك الشجرة عقيمة لانتزاح عصارتها ، وسيأتي بقية منا يتعلق بها في الخاتمة إن شاء الله تعالى.
(المسألة الخامسة) :
في قوله تعالى : (وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [النّحل : الآية ١١]. وفيه مباحث :
(المبحث الأول) :
في قوله تعالى : (وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [النّحل : الآية ١١]. لما ذكر الأنواع المنتفع بها من النبات قال في صفة البقية : (وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [النّحل : الآية ١١] تنبيها على أن تفصيل القول في أجناسها وأنواعها وصفاتها ومنافعها عظيم جدا ، وهي أيضا مختلفة في الطبع والطعم واللون والرائحة والصفة لقوله تعالى : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) [النّحل : الآية ١٣]. (وَما ذَرَأَ لَكُمْ) [النّحل : الآية ١٣]. أي وما خلق