(المبحث الرابع في العنب):
أزهار الكرم عناقيد مخضرة اللون صغيرة ، والكأس صغير خماسي الأسنان ، والتويج أيضا خماسي الأهداب ، والذكور خمسة ، والمبيض يتحول إلى عنبة مستديرة عصارته مختلفة اللون ، وفيها من برزة إلى أربع بل خمس ، وثمر الكرم المسمى بالعنب ، وهو لعطريته وطعمه اللذيذ ولونه ولطافته أقبل الثمار وأنفعها في جميع البلاد ، وذلك الثمر قبل نضجه يسمى بالعربية حصرما ، ويكون شديد الحمضية يستعمل لتحميض الأمراق والأطعمة ولتحضير شراب مرطب وغير ذلك ، وعصارته المستخرجة منه تحفظ بالمطامير في زجاجات جيدة السد وتغطى بالزيت بعد أن تنقى وترشح ، وهي قابضة منبهة تعطى في فقد الحس والحركة ، وتستعمل غراغره في الخوانيق وتعد من أدوية.
وكان القدماء يصنعون منها شرابا مع العسل يستعملونه في أوجاع الحلق ، ولكنه لا ينفع الأشخاص اللطيفة صدورهم أو المتهيجة معدتهم ، وعناقيد العنب قد تكون كبيرة بحيث يكون منها ما يبلغ ثلاثمائة درهم إلى أربعمائة وذلك بالشام ونحوه ، ولأجل حفظ ذلك الثمر زمنا طويلا يجنى في زمن حار يابس قبل تمام نضجه بيسير ، ثم يوضع على التبن في مخزن مغلق أو يعلق في حبال بعد تقطيعه إلى عناقيد متوسطة العظم لكن غير ملتزّة لبعضها مع الانتباه لتجديد الهواء في الأزمنة اللطيفة ، وبذلك يحفظ جملة أشهر في المطامير ، والعنب علم أنه يحتوي على ماء سكر ولعاب وهلام وزلال ومادة دبقة وأملاح طرطيرية.
(المبحث الخامس في استعمالاته):
العنب الجيد الصفات ثمر مرطب جيد للصدر معدل لاحتراق المعدة والأمعاء ، وتغذيته قليلة ، والإكثار منه يلين أي يسهل بلطف ، وأحيانا يحصل منه إمساك مستعص وذلك نادر بلطف ، وأحيانا يحصل منه إمساك مستعص وذلك نادر.
والعنب الأسود أحلى أي أعظم سكرية من الأبيض ، وأوصوا باستعمال العنب غذاء في الأمراض العصبية والالتهابات والحميات المحرقة والآفات المزمنة وأمراض الجلد والطرق البولية والحصر ونحو ذلك ، ولا سيما في البلاد الحارة بسبب صفاته الملطفة المعدلة له ، ويناسب أيضا أصحاب الأمزجة الحارة والصفراوية واليابسة والمعرضة للالتهابات الأنزفة ، بل شواهد أن الإكثار منه يبرئ من احتقانات الأحشاء البطنية والاستسقاآت ، والإفراط منه يسبب الإسهال والقولنجات والدوسنطاريات ، بل شوهد إحداثه نوع تيتنوس.