(السادس البرد):
هو من الآثار العلوية التي تقع على الأرض مع أن خطره كثير في البلاد المعرضة لإتلافه ، ويكون دائما على هيئة قطع جليدية شبيهة بالزلط وبحجارة مستديرة علمت بصناعة الحك ، وهو وإن كان في الغالب مركبا من طبقات متحدة المركز إلا أنه يندر جدا أن يكون كروي الشكل منتظما ، وقد يظهر أنه مؤلف من جملة طبقات مائية ، وقطره يختلف من نصف خط إلى جملة أصابع ، ووجوده في الشتاء أندر منه في الصيف ، وكذا في الربيع من ابتداء الخريف ، وقلما تعرف آثار المهولة في المناطق القطبية والأقطار الاستوائية ، وما قارب هذه العروض في السهول المرتفعة قليلا عن محاذاة المحيط ، والغالب كون البرد مخلوطا بالمطر ويندر كونه يحترس منه ، وخطره هو إتلافه محصولات الأرض بسرعة كسرعة النار ، فلا يترك وراءه إلا الدمار والخراب.
وأما قوله تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) [النّور : الآية ٤٣]. ففيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
قرئ (يكاد سنا برقه) على الإدغام ، وقرئ (برقه) جمع برقة ، وهي المقدار من البرق ، وبرقه بضمتين للاتباع كما قيل في جمع فعلة فعلات كظلمات ، وسناء برقه على المد المقصور بمعنى الضوء والممدود بمعنى العلو والارتفاع من قولك سنى للمرتفع ، ويذهب بالأبصار على زيادة الباء كقوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : الآية ١٩٥]. عن أبي جعفر المدني.
(المسألة الثانية)
وجه الاستدلال بقوله : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) أن البرق الذي يكون صفته ذلك لابد وأن يكون نارا عظيمة خالصة ، والنار ضد الماء والبرد ، فظهوره من البرد يقتضي ظهور الضد من الضد وذلك لا يمكن إلا بقدرة حكيم ، وأنه تعالى خلق ذلك البرق عنصرا شعاعيا ناريا ساريا في جميع العناصر والمركبات والآلية وغير الآلية.
(المسألة الثالثة) :
وجه الاستدلال بقوله تعالى : (سَنا بَرْقِهِ) [النّور : الآية ٤٣]. أي الآثار العلوية الضوئية ، وهذه الآثار تنشأ من الضوء الذي ترسله الشمس إلينا والذي تعكسه الأجرام بعد أن تقبله من الشمس ،