(المبحث السادس في الزبيب):
يجفف العنب بواسطة الحرارة ليحفظ زمنا طويلا فيصير زبيبا ، ولأجل ذلك ينتظر تمام نضجه فيعرض لشمس قوية أو في محل دفيء على شبكات من الصفصاف ، وفي بعض البلاد يغمس أولا في الماء المغلي قبل أن يجفف ، ثم إذا جفف يعرض للمتجر ، ومن المعلوم أن العيب إذا جف كان جزؤه اللعابي السكري واضحا جدا ففي مدة التجفيف تحصيل حركة باطنية بين مواده قد يزيد مقدار السكر ينقص مقدار القواعد الحمضية ، ويركب من الزبيب مطبوخات طبيعتها لعابية فتحتوي على خاصية الإرخاء ، ويعمل مطبوخه من ثمانية دراهم إلى ستة عشر لأجل مائتي درهم من الماء ، وتستعمل تلك المشروبات محلاة بالسكر بالمناسب لتلطيف السعال وتسهيل إخراج النخامات في التهابات الطريق الهوائية ، ويوصي باستعمالها في الالتهاب البلوراوي وتقطير البول ، ومع ذلك يلزم أن يعتبر هذا المشروب مرخيا خفيفا مع أنه يبعد احتواؤه على قوة مرخية أو مطلقة مماثلة لقوة مغلي الخطمية أو الخبازي أو بزر الكتان أو نحو ذلك ، ونقول : إنه يحتوي دائما على قواعد حمضية ؛ ولذا كان في طعمه حموضة ولكنها قليلة فلذلك يعطي في الاستواء الصدري والنزلة واحتراق الصدر أو المعدة أو الأمعاء أو نحو ذلك ، ويدخل الزبيب في الشربات والمغليات الصدرية والملطفة ويضم للصمغ والأزهار المضادة للسعال والسكر والعسل ؛ ولذا أحد الثمار الأربعة الصدرية التي هي الزبيب والتين والبلح والعناب.
(المبحث السابع في ذكر أشياء موجودة في العنب):
فأولا : سكر العنب وذلك أن طعم العنب يفيد وجود السكر فيه لكن لم تتيسر إنالته إلا محببا لا مبلورا.
(وثانيا) : دهن البزور فبزور العنب الموجودة في وسط عصارة حبوبه استخرج منها دهن بحيث إن كل قنطار منها يحتوي من ذلك الدهن على مقدار من اثني عشر رطلا إلى عشرين ، وهذا الدهن جيد للاستصباح.
(وثالثا) : الغلالة الخارجة للعنب أي الجلد الملون في العنب الأسود هي ينبوع العصارة الحمراء أو الشهلاء ، وتكون مخضرة في العنب الأبيض ، ومن الناس من يطرحها عند أكل العنب ، وذلك جيد وإن لم تكن مؤذية ؛ لأنها تنفتح في المعدة والأمعاء بحيث لا تنهضم كالبذور أيضا.
(ورابعا) : حوامل الحبوب التي ترمى في بعض البلاد لظنهم أنها تضر في تخمر العصارة ، وهنا نذكر المتخمرات أي الأنبذة مضارها ومنافعها في المسألة الآتية.