وكان النبيذ يعطى إذا طالت الحمى ، وسببت انحطاطا في الجسم أو كانت السكنى في بلاد آجامية اكتفى بإعطاء النبيذ بمقادير يسيرة كل يوم لإيقاظ القوى العضوية في المنسوجات ، ويستعمل النبيذ استعمالا جراحيا فمدحوا الأحمر المتحصل لكثير من القواعد الطرطيرية الملحية بأنه قابض يستعمل زرقا بطبيعته في مجرى البول لعلاجات السائل المخاطي ، ويزرق أيضا في الجروح الناسورية والقنوات المسترخية والغشاء الغمدي لشفاء القيلة المائية ، وتغسل الجروح الضعيفة بالنبيذ الحار القوي لتقوى بذلك ، وتنظف وتوضع رفائد مبتلة منه على الرضوض والأكدام والارتشاشات الخلوية كمحلل.
(المبحث الرابع في الأنبذة الدوائية):
هي مستحضرات دوائية يكون حاملها ، وهو النبيذ ، ويختار له الأنبذة الأكثر كؤلية ثم إن الأنبذة الدوائية عموما قابلة للتغير بسبب القواعد الكيماوية المحلولة فيها ، ولا سيما المادة الخلاصية والمخاطية فيلزم حسب الإمكان أن لا يدخل في تركيبها ، تكون تلك القواعد كثيرة فيها ، ولا يختار للنفع فيها إلا الجواهر الجافة ؛ لأنها أكثر خلوّا من المواد البلغمية وتحفظ تلك الأنبذة في محال رطبة ، وفي آوان جيدة السد ومع هذه الاحتراسات هي أدوية قابلة للفساد مع الزمن أعني بعد بعض أشهر فيحلل تركيبها بحيث إنها بعد استعمال ثلاث كميات أو أربع منها توجد بصفه غير التي كانت عليها ، فيلزم تحديد المقدار المحضر عند طلب الاستعمال ؛ ولذلك هجر الآن معظمها بعد أن كانت كثيرة الاستعمال ، وجميع الأشربة الموجودة الآن في المتجر من هذا القبيل ، وتحضر بالتخمير كقشور الكينا في النبيذ الحلو أي عصير العنب ، وكثيرا ما تحضر بالنقع البارد ، بالنقع الحار وقتيا قبل تخمره ، وهذه الأخيرة هي الأحسن والأبسط.
وهناك طريقة ، وهي أن يضاف إلى النبيذ الصبغات الكؤلية المنسوبة للجواهر التي نفعت فيها ، وهي طريقة من أنفع ما يكون للحفظ من الفساد ، ولكن يحصل منها دواء كؤلي وصبغة ضعيفة واستعمالها لها ضعيف ، وكؤلها هو المؤثر بالأكثر في النبيذ.
(المسألة الثالثة في بيان الخمر هل هو من العنب والتمر فقط أو من غيرها):
روى أبو داود في سننه عن الشعبي عن ابن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ قال : نزل تحريم الخمر يوم نزل ، وهي من خمسة من العنب والتمر والحنطة والشعير والذرة والخمر ما خامر العقل ووجه الاستدلال به من ثلاثة أوجه :