(أحدها) : أن عمر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أخبر أن الخمر حرمت يوم حرمت ، وهي تتخذ من الحنطة والشعير كما أنها تتخذ من العنب التمر والتفاح وهذا يدل على أنهم كانوا يسمونها كلها خمرا.
(وثانيها) : أنه قال حرمت الخمر يوم حرمت ، وهي تتخذ من هذه الأشياء الخمسة ، وهذا كالتصريح بأن تحريم الخمر يتناول تحريم هذه الأنواع الخمسة.
(وثالثها) : روى أبو داود عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من العنب خمرا وإن من التمر خمرا وإن من العسل خمرا وإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا ، والاستدلال به من أمرين :
(أحدهما) : أن هذه صريح في هذا الأشياء داخلة تحت اسم الخمر فتكون داخلة تحت الآية الدالة على تحريم الخمر.
(والثاني) : أنه ليس مقصود الشارع تعليم اللغات فوجب أن يكون مراده من ذلك بيان أن الحكم الثابت في الخمر ثابت فيها ، والحكم المشهور الذي اختص به الخمر ، وهو حرمة الشرب ، فوجب أن يكون ثابتا في هذه الأشربة ، قال الخطابي رحمهالله : وتخصيص الخمر بهذه الأشياء الخمسة ليس لأجل أن الخمر لا يكون إلا من هذه الخمسة بأعيانها ، وإنما جرى ذكرها لكونها معهودة في ذلك الزمان ، فكل ما كان في معناها من ذرة أو سلت أو عصارة شجرة فحكمها حكم هذه الخمسة كما أن تخصيص الأشياء الستة بالذكر في حيز الربا لا يمنع من ثبوت حكم الربا في غيرها.
(الحجة الثانية) :
روى أبو داود عن عائشة روى أبو داود عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن البتع فقال : «كل شراب أسكر فهو حرام». قال الخطابي : البتع شراب يتخذ من العسل وفيه إبطال كل تأويل يذكره أصحاب تحليل الأنبذة ، وإفسادا لقول من قال : إن القليل من السكر مباح ؛ لأنه عليهالسلام سئل عن نوع أحد من الأنبذة فأجاب عنه بتحريم الجنس ، فيدخل فيه القليل والكثير منها ، ولو كان هناك تفصيل في شيء من أنواعه ومقاديره لذكره ولم يمهله.
(الحجة الثالثة) :
روى أبو داود عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أسكر كثيره فقليله حرام».