(الحجة الرابعة):
روي أيضا عن القاسم عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كل مسكر حرام ، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام».
قال الخطابي : الفرق مكيال يسع ستة عشر رطلا ، وفيه أبين البيان أن الحرمة شاملة لجميع أجزاء الشراب.
(الحجة الخامسة):
روي أيضا عن شهر بن حوشب عن أم سلمة : روي أيضا عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن كل مسكر ومفتر قال الخطابي : المفتر كل شراب يورث الفتور ، والخدر في الأعضاء ، وهذا لا شك في أنه متناول لجميع أنواع الأشربة ، فهذه الأحاديث كلها دالة على أن كل مسكر فهو خمر وهو حرام.
(المسألة الرابعة) :
من الدلائل الدالة على أن كل مسكر خمر التمسك بالاشتقاقات قال أهل اللغة أصل هذه الحرف التغطية سمي الخمار خمار ؛ لأنه يغطي رأس المرأة والخمر ما وراك من شجر وغيره من وهدة وأكمة ، وخمرت رأس الإناء أي غطيته ، والخامر هو الذي يكتم شهادته.
قال ابن الأنباري : سميت خمرا ؛ لأنها تخامر العقل ، أي تخالطه يقال : خامره الداء إذا خالطه ، وأنشد لكثير :
هنيئا مريئا غير داء مخامر
ويقال : خامر السقام كبده ، وهذا الذي ذكره راجع إلى الأول ؛ لأن الشيء إذا خالط الشيء صار بمنزلة السائر له ، فهذه الاشتقاقات دالة على أن الخمر يكون ساترا للعقل كما سميت مسكرا ؛ لأنها تسكر العقل أي تحجزه ، وكأنها سميت بالمصدر من خمره خمرا إذا ستره للمبالغة ، ويرجع حاصله إلى أن الخمر هو السكر ؛ لأن السكر يغطي العقل ويمنع وصول نوره إلى الأعضاء فهذه الاشتقاقات من أقوى الدلائل على أن مسمى الخمر هو المسكر فكيف إذ انضافت الأحاديث الكثيرة إليه لا يقال هذا إثبات للغة بالقياس ، وهو غير جائز ؛ لأنا نقول : ليس هذا إثباتا للغة بالقياس ، بل هو تعيين للمسمى بواسطة هذه الاشتقاقات كما أن أصحاب أبي حنيفة ـ رحمهمالله ـ يقولون : إن مسمى النكاح هو الوطء ، ويثبتونه بالاشتقاقات ، ومسمى الصوم : هو الإمساك ويثبتون بالاشتقاقات.