فالأول باطل ؛ لأن البحث المذكور عائد في ذلك الجسم بعين لا يختص بتلك القوة بعينها دون سائر الأجسام فيثبت أن محرك أجسام الأفلاك والكواكب أمور مباينة عنها ، وذلك المباين أن يكون جسما أو جسمانيّا عاد التقسم الأول فيه وإن لم يكن جسما ولا جسمانيا فإما أن يكون موجبا بالذات أو فاعلا مختارا ، فالأول باطل ؛ لأن نسبة ذلك الموجب بالذات إلى جميع الأجسام على السوية فلم يكن بعض الأجسام بقبول بعض الآثار المعينة أولى من بعض فلما بطل هذا ثبت أن محرك الأفلاك والكواكب هو الفاعل المختار القادر المنزه عن كونه جسما وجسمانيّا ، وذلك هو الله تعالى وحده.
فالحاصل أنا لو حكمنا بإسناد حوادث العالم السفلى إلى الحركات الفلكية الكوكبية فهذه الحركات الفلكية والكوكبية لا يمكن استنادها إلى أفلاك أخرى وإلا لزم التسلسل ، وهو محال فوجب أن يكون خالق هذه الحركات ومدبرها هو الله تعالى وحده إذا كانت الحوادث السفلية مستندة إلى الحركات الفلكية ، وثبت أن الحركات الفلكية حادثة بتخليق الله تعالى وتقديره وتكوينه كان هذه اعترافا بأن الكل من الله تعالى وحده ألبتة لا محالة وبإحداثه وبتخليقه ، وهذا هو المراد.
(المسألة الثامنة) :
في قوله تعالى : (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس : الآية ٢٤]. أيضا (اعلم) أرشدك الله تعالى أنه إنما قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الرّعد : الآية ٣]. إشارة إلى عظم قدرته سبحانه وتعالى فإن المتفكر إذا نظر إلى أجناسها وأنواعها وصفاتها ومضارها ومنافعها ، علم أن موجد ذلك هو الله الواحد القهار الفاعل المختار الذي لا يحاط بقدرته ولا يحصى بديع حكمته ، ولنورد عليك كيفية تكوينها مفصلا وفي ذلك مباحث :
(المبحث الأول في الجذور):
الجذور : هي جزء من النباتات يشغل جزأها السفلي ، ويستمر عادة مدفونا في الأرض عموديا ، وأغلب النباتات لها جذور ، وبعض النباتات المائية يظهر أنها ليس لها جذور ، لكن النباتات التي هي من هذا القبيل قليلة العدد ، ومع ذلك توجد بعض نباتات ذات جذور ليست مثبتة في الأرض ، بل عائمة في الماء كما في عدس الماء ، وبعض نباتات لها نوعان من الجذور بعضها مثبت في الطين والبعض الآخر سابح في الماء كالنبات المسمى بالبشنين ، وكل من حبل المساكين ، وأنواع الأشنة البحرية ، وأنواع القسط البحبري ، أي لكيزازلاندي تنبت على الأشجار فتمتص منها العناصر الضرورية لنموها.