الشخص ، فلما قال اثنين علمنا أن الله تعالى أول ما خلق من كل زوجين اثنين لا أقل ولا أزيد ، والحاصل أن الناس فيهم الآن كثيرة إلا أنهم ابتدؤوا من زوجين اثنين أي شخصين وهما آدم وحواء ، فذلك القول جار في جميع الأشجار والزروع ، ولنتكلم عليها واحدا بعد واحد فيما يأتي.
(المسألة الثانية في أعضاء التوالد):
تنقسم أعضاء التوالد إلى أعضاء تناسل وإلى أعضاء أثمار ولنتكلم على كل واحد منها فنقول :
(المقام الأول في أعضاء التناسل) :
وفيه مباحث :
(المبحث الأول) :
إذا تأمل عاقل في الأعضاء النباتية يتعجب من صنع الباري تعالى وقدرته جل وعلا ، وذلك أنه يشاهد الجذور ذات الألياف الشعرية التي تمتص السائلات الكائنة في الأرض بقوة عجيبة ، وتنقل السائل المغذي إلى أوعية النبات وكذلك إلى السوق والفروع القائمة في وسط الهواء المعد لتغذيته ، ثم الأوراق التي هي أعضاء تنفس وتحلب وإفراز يمتص بها النبات الهواء ويخرج الأبخرة والغازات التي ليست نافعة لغذائه ، وكذلك الأوعية المختلفة الأشكال التي تدور فيها العصارة اللينفاوية والعصارة المنصلحة وكذلك المسام القشرية والخلايا ، وجميع هذه الأجهزة الحية التي تحصل بها الوظائف النباتية ، وكل هذه الأعضاء ليس لها إلا غاية واحدة هي تغذية الزهر ونموه ، والزهر لا يوجد إلا لتكون الثمر ، والثمر لم يخلق إلا لتغذية البذر ، وهذا هو المقصود من الإنبات ؛ لأن القدرة الإلهية وجهت جميع الأفعال لتناسل النوع وحفظه في النباتات والحيوانات ، ثم إن أعضاء التناسل كما في الحيوانات تتكون من عضو ذكر وعضو أنثى ، فحينئذ توجد مشابهة عظيمة بين النباتات والحيوانات في الكائنات العضوية حيث إن أهم الوظائف هو التلقيح يحصل بكيفية تحصل بها المشابهة بينهما وباجتماع أعضاء التناسل النباتية مع بعضها يتكون الزهر ، أي التويج ، وهو الذي يكون متلونا بألوان لطيفة في بعض النباتات ، وتتصاعد منه رائحة عطرية مقبولة ، والغلافات الزهرية ليست إلا أعضاء ثانوية ، وليس وجودها ضروريا لحصول التلقيح ، بل وظيفتها في أغلب الأحيان وقاية أعضاء التناسل من المؤثرات الجوية.