والصاعد منه يرسب بسهولة على جميع ما يمر عليه الهواء ، ولذلك يمكن التحرز بنحو الغابات والأشجار والأبنية وبنحو خرقة خفيفة من تأثيره الذي هو مضر غالبا ، ثم إن ذلك الصاعد (٢) بسبب كونه شبيها بتأثيره بمادة كثيفه تهبط بسكون أو ترسب رائقة بما يحصل له بمرورها بين أوراق الأشجار وفروعها ونفوذها ، ومرورها بما يصيبها أو بكثرة الانعكاسات التي تتأثر بها.
(واعلم) أيضا أن خطر الضباب بالليل أكثر منه بالنهار ، وعند طلوع الشمس وغروبها أكثر منه في بقية اليوم ، وهو مهلك للشخص قتال ، والحرارة الشديدة تمنع ضرره ما لم يكن الشخص متعرضا لتأثيره بأن كان في محل صعدت منه تلك الأبخرة.
(ورابعها) : أنه يوجد في الهواء كمية كثيرة من غبار دقيق يظهر أنه سابح في الهواء ولا يمكن مشاهدته وهو كما يسقط في المدن يسقط في القرى والخلاء ، وفي جميع العروض وداخل الأراضي المتصلة كوسط البحور أيضا ، وفي الزمن اليابس كالزمن الرطب.
ومثل هذا الغبار ما يحصل من تصعدات بقعة من الأرض تجعل الهواء مصفرا مشتملا على جواهر مسمة ما قابل نباتا أو حيوانا إلا قتله غالبا ، وهذا تسميه العرب ريح السموم ، وقد يحصل مثل هذا الغبار من بعض أبخرة تصعد من بعض بقاع الأرض فتجعل الهواء مصفرا مسما كما قلنا ، وهو إذا قابل نباتا أو حيوانا قتله غالبا وهذا هو المسمى عند العرب ريح السموم المشار إليه بقوله تعالى : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (٥١) [الرّوم : الآية ٥١].
(وخامسها التلاقيح):
وهي التي تنشأ عن التيارات الهوائية الأفقية التي تتسلطن دفعة واحدة في متسع عظيم من الأراضي فتصير سريعة قوية ، بل ربما كانت ملتفة إذا انحصرت في مسافة ضيقة جدا بضغط طبقة عليا من الهواء عليها تعارض حركتها سريعة بالقسر ، وهذه الرياح الشديدة لا ينشأ عنها في غالب إلا أمطار خفيفة وتكن حيثما تبتدئ الطبقة العليا في أن تطيع حركتها.
(العواصف):
هي حوادث موضعية سريعة الزوال مجلسها يكون في غمامة كبيرة أو جملة سحب
__________________
(٢) قوله : ثم إن ذلك الصاعد ... إلخ. كذا بالأصل والمعنى غير ظاهر. اه.