منضمة بعضها ، مع بعض ولا يستشعر بها في محل إلا إذا وصلت إليه تلك الغمامة عن التي هي مجلس لها ، وتقطع حوادثها متى مضت أو خلت تلك الغمامة عما يحصلها.
أما متى بقيت حافظة للقوة المولدة لتلك الحوادث فإن نتائجها لا تزال تظهر على التعاقب في المحال المختلفة التي تمر عليها ، وهذه الرياح تحصل فجأة وفعلها يكون مقصورا على منطقة ضيقة لكنها طويلة جدا ، وربما تتابعت عواصف كثيرة يتلو بعضها بعضا ورياحها تكون منحرفة ، وتخرج على هيئة زوابع سريعة الزوال ، وتكون دائما مصحوبة بالرعد ، وإذا كانت العواصف آتية من البحر رسب على سطح الأرض من المطر الذي يسقط معها طبقة خفيفة من الأملاح.
(العواصف):
ريح يسلط على البلاد الموضوعة بين المدارين ، وبجوارهما ، ولا تختلف عن العواصف ولا عن التلاقيح إلا في شدتها وعنفوانها ، وينشأ هذا الحادث المهول من حركة الهواء وسرعته ، ويصحبه غالبا مطر غزير وبرد ورعد وعواصف تنقذف من السماء جهة الأرض ومن الأرض جهة السماء ، وكل ذلك بانضمامه لتلك الريح الشديدة يساعد على إتلاف ما يجده في ممره فيسقط الأبنية المتينة ، ويقلع الأشجار المتينة الكبيرة من أصولها ، ويتلف جواهر الحصاد ويشتت بقاياها إلى محال بعيدة ، والإتلاف الذي يحصل من هذا الحادث في البحر مهول أيضا ، وبالجملة فالظاهر أن ما لا تتلفه المياه والنيران والجنود العديدة من الأقاليم إلا في مرات عديدة تتلفه هذه العواصف المهولة في اجتيازها عليها بعض ساعات قليلة.
(الزوابع):
حركات جوية مهولة متلفة كالعواصف غير أنها تختلف عنها بحصر سلطتها في مكان ضيق ، وإن لم يخل جزء من سطح الكرة من كونه عرضة لها بخلاف العواصف فإنها لا توجد إلا في بعض الأقطار ، وبفعل تلك الزوابع يرتفع في الهواء بحالة دوران ثلج السهول الجليدية ومياه البحيرات والبحار التي في الأرض ، ومع ذلك فوجود هذا الحادث في البلاد الحارة أكثر منه في المناطق الباردة والمعتدلة وكذا في بحار الصين ، وتنقسم الزوابع إلى بحرية وأرضية ، فالبحرية تشغل من الأرض مسافة مستديرة فتضطرب المياه وتفور وكأن كتلة منها تحاول أن ترفع في الهواء على هيئة هرم مقطوع ، أو أن سطح البحر يحصل فيه اضطراب مخصوص حين ما يوجد في الجزء المقابل له من السماء غمامة شكلها مخروطي مقلوب كأنها تنزل على سطح