ومحدثات ، وجميع ما سوى الله تعالى مزدوج ومحدث فإنه الواحد الفعال لما يريد.
(مسألة أخرى) :
في قوله تعالى سبحانه : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٣٦) [يس : الآية ٣٦].
وفيه مسألتان :
(المسألة الأولى) :
اعلم أن لفظ سبحان علم دال على التسبيح ، وتقديره سبح تسبيح الذي خلق الأزواج كلها ، ومعنى سبح نزه ، ووجه تعلق الآية بما قبلها أنه تعالى لما قال : (أَفَلا يَشْكُرُونَ) [يس : الآية ٣٥]. وشكر الله بالعبادة وهم تركوها ولم يقتنعوا بالترك ، بل عبدوا غيره وأتوا بالشرك ، فقال : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) [يس : الآية ٣٦]. وغيره لم يخلق شيئا ، أو نقول لما بين أنهم أنكروا الآيات ولم يشكروا بين ما ينبغي أن يكون عليه العاقل فقال : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) [يس : الآية ٣٦]. أو نقول لما بين الآيات قال : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ) [يس : الآية ٣٦]. ما ذكره أن يكون له شريك أو يكون عاجزا عن إحياء الموتى.
وقوله تعالى : (كُلَّها) [البقرة : الآية ٣١]. يدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله ؛ لأن الزوج هو الصنف ، وأفعال العباد أصناف ، ولها أشباه هي واقعة تحت أجناس الأعراض ، فتكون من الكل الذي قال الله فيه : (خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) [يس : الآية ٣٦]. لا يقال مما تنبت الأرض يخرج الكلام عن العموم ؛ لأن من قال أعطيت زيدا كل ما كان لي يكون للعموم إن اقتصر عليه ، فإذا قال بعده من الثياب لا يبقى الكلام على عمومه لأنا نقول ذلك إذا كانت من البيان التخصيص ما إذا كانت لتأكد العموم فلا بدليل أن من قال : أعطيته كل شيء من الدواب والثياب والعبيد والجواري يفهم منه أنه يعدد الأصناف لتأكيد العموم ، ويؤيد هذا قوله تعالى في حم : (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢)) [الزّخرف : الآية ١٢]. من غير تقييد.
(المسألة الثانية) :
ذكر الله تعالى أمور ثلاثة تنحصر فيها المخلوقات فقوله : (تُنْبِتُ الْأَرْضُ) [البقرة : الآية ٦١]. يدخل فيها ما في الأرض من الأمور الظاهرة كالنبات والثمار وقوله : (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) [يس : الآية ٣٦]. يدخل فيها الدلائل النفسية وقوله : (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) [يس : الآية ٣٦]