الفوهة إلى البيضات الصغيرة ، (والمدة الثالثة) : مدة تأثير المادة اللقاحية على البيضات الصغيرة أي أصول البزور ، ولنبين الظواهر التي تنسب إلى هذه المدد الثلاث على التعاقب فنقول : متى ابتسمت الأزهار فالحشفات التي هي الأجزاء الرئيسة لأعضاء التذكير تنفتح بكيفيات مختلفة على حسب الأنواع وتوزع الطلع أي المسحوق المخصب على الفوهة التي هي أحد الأجزاء الرئيسة لعضو التأنيث ، وفي الزمن المذكور تكون الفتحة المهبلية مغطاة بجوهر لزج يضبط الطلع عليها ، ويمنعه من أن يتطاير بالهواء ، وحيث إنها عبارة عن حويصلات صغيرة تسترخي بملامستها لهذا السائل اللزج فحينئذ كل حبة من الحبوب الموضوعة على فتحة الأوعية التي توصل من الفتحة إلى المبيض تتمدد نحو نقطة ملامستها بالأوعية فتستطيل على هيئة أنبوبة تدخل في أحد هذه الأوعية ، ويتمزق طرفها السفلي ، فيخرج منه سائل لقاحي ينتقل إلى المبايض لكي يلقحها.
(المبحث الخامس) :
في النتائج التي تثبت التلقيح في النباتات وفيه أمور :
(الأول) : إذا تزهرت شجرة ذكر وشجرة أنثى من ذات المسكنين يقرب بعضهما ببعض كالتوت مثلا يحصل التلقيح على ما ينبغي ، وذلك لأن طلع الشجرة الذكر ينتقل بالهواء على الفوهة المهبلية للشجرة الأنثى ، فإذا كانت الشجرتان بعيدتين عن بعضهما قليلا فالمسافة الكائنة بينهما حيث إنها تصير مانعة من ذلك يصير التلقيح أقل كمالا ، وتصير جملة من المبايض عقيمة ، وإذا كانت الشجرتان بعيدتين عن بعضهما بعدا عظيما يصير التلقيح مفقودا ما لم يجعل تعالى اتجاه الريح مستقيما من أعضاء الذكور إلى الإناث ، أو تنقل الحشرات التي تطير من زهرة إلى أخرى لكي تأخذ منها غذاءها حبوب الطلع الذي يلتصق بأرجلها وجسمها من الأزهار الذكور إلى الأزهار الإناث.
(الثاني) : أن التلقيح الصناعي يثبت هذه الظاهرة أيضا ، فقد شوهد تخيل إناث في بلدة كانت تزهر جملة سنين بدون أن يؤخذ منه ثمر مطلقا فأخذ من بلدة أخرى من نخيل ذكر من نوعها قد ابتسمت أزهاره وعلقت على أزهار الشجرة الأنثى فأعطت ثمارا.
(الثالث) : أن شجرة تفاح كانت أزهارها لا تحمل إلا أعضاء تأنيث بسبب تلهوج أعضاء التذكير منها على الدوام. وفي كل سنة تؤخذ أزهار محتوية على أعضاء تذكير من الأشجار المجاورة لها ، ويوزع الطلع على أعضاء التأنيث ، فالأزهار التي ينزل عليها شيء من هذا الطلع تستحيل إلى ثمار ، والأخرى تبقى عقيمة.