(الرابع) : أن تكون الأزهار الممتلئة تعين أيضا بالكلية إثبات تأثير التذكير على أعضاء التأنيث ؛ لأنه من المشاهد أن الأزهار الممتلئة بالكلية كأزهار الكرز والخوخ الممتلئة ، وهي التي أعضاء تذكيرها وأعضاء تأنيثها استحالت بالكلية إلى وريقات تويجية لا تعطى ثمارا أصلا.
(الخامس) : إن تأثير الرطوبة يثبت النتائج التي ذكرناها أيضا فإذا حصلت أمطار غزيرة أو ضباب مستطيل المدة فإن الأزهار التي تبتسم تكون عقيمة غالبا ، وهذا ناشئ عن كون الطلع الملامس للرطوبة يتمزق ويتفجر قبل أن ينقذف على الفوهة المهبلية أو أنه يذوب بمياه الأمطار.
(السادس) : أن الدليل الذي لا شك فيه على وجود عضوي تناسل ، وعلى حصول تلقيح ، هو تكون النباتات البقلية فقد يتفق أحيانا أن بزورا مأخوذة من نباتات وموضوعة في الأرض تتولد منها نباتات تتباعد بأوصافها عن النبات الذي أخذت منه هذه البزور كثيرا أو قليلا ، وهذا يكون ناشئا في الغالب عن كون هذا النبات تلقح بنوع آخر بجواره ؛ ولذا يشاهد دائما أن أوصاف النبات الذي يتولد من هذه البزور تقرب من أوصاف النبات الأصلي ، ومن أوصاف النبات الذي استعمل طلعه للتلقيح ، وهذه النباتات تسمى بالبغلية تشبيها لها بالبغل الذي يتكون من اجتماع الحمار بأنثى الخيل ، والأتان بالحصان ومع ذلك نوع بآخر لا يمكن أن يحصل إلا بين نباتات كثيرة القرب من بعضها بأوصافها فلا يمكن أن يتلقح الرمان بالخوخ ، ولا التفاح بالبرتقال ، ولا لسان العصفور بالجوز ، وإنما يتلقح البرتقال بالليمون ، وبجميع الأنواع المشابهة للجنس الليموني كما قال تعالى : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) [الأنعام : الآية ٩٩].
(المبحث السادس) :
في الظواهر التابعة للتلقيح ، بعد حصول التلقيح بزمن يسير ترى جملة تغيرات تبين الحيوية الجديدة التي تحصل في بعض أجزاء الزهر مع ذبول الأجزاء الأخرى فالزهر الذي كان لطيف المنظر إلى زمن التلقيح ، ومزينا بالألوان البهية غالبا يفقد لونه الطيف الذي لا يدوم فيذبل التويج ، وتجف وريقاته ، وتسقط أعضاء التذكير حيث إنها قد تمت الوظائف التي خلقها الله تعالى من أجلها تذبل وتسقط وبعد زمن يسير يبقى عضو التأنيث بمفرده في مركز الزهر ، وحيث إن الفوهة والخيط صارا غير نافعين للنبات يسقطان أيضا.
والمبيض بمفرده يبقى ؛ لأن الله تعالى وضع في باطنه الجنين لكي ينمو فيه ، والمبيض