(المسألة الثانية) :
في قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : الآية ٩٩].
وفيه مباحث:
(المبحث الأول) :
إن ظاهر قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : الآية ٩٩]. يدل على أنه تعالى إنما أخرج النبات بواسطة الماء ، وذلك يوجب القول بالطبع والمتكلمون ينكرونه ، وقد بالغنا في تحقيق قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) [البقرة : الآية ٢٢].
(المبحث الثاني) :
قال الفراء : قوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : الآية ٩٩]. ظاهره يقتضي أن يكون لكل شيء نبات ، وليس الأمر كذلك ، فكان المراد فأخرجنا به نبات كل شيء له نبات ، فإذا كان كذلك فالذي لا نبات له لا يكون داخلا فيه.
(المبحث الثالث) :
قوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ) [الأنعام : الآية ٩٩]. بعد قوله : (أُنْزِلَ) [البقرة : الآية ٤]. يسمى التفاتا ، ويعد ذلك من الفصاحة.
(واعلم) أن أصحاب العربية ادعوا أن ذلك يعد من الفصاحة ، وما بينوا أنه من أي الوجوه يعد من هذا الباب.
(المبحث الرابع) :
قوله : (فَأَخْرَجْنا) [الأنعام : الآية ٩٩]. صيغة جمع والله واحد فرد لا شريك له إلا أن الملك العظيم إذا كنى عن نفسه فإنما يكنى بصيغة الجمع ، فكذلك هاهنا ، ونظيره قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [يوسف : الآية ٢]. (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً) [نوح : الآية ١]. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) [الحجر : الآية ٩].
أما قوله : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً) [الأنعام : الآية ٩٩]. فقال الزجاج : معنى خضرا كمعنى أخضر يقال خضر ، فهو أخضر وخضر ، مثل عور فهو أعور وعور ، وقال الليث : في