العظامة ، وقوله : (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) [الأنعام : الآية ٩٩]. يعني نخرج من ذلك الخضر حبا متراكبا بعضه فوق بعض في سنبلة واحدة ، وذلك لأن الأصل هو ذلك الكأس الأخضر ، وتكون الثمرة متكونة داخله ، ولما ذكر ينبت من الثمر أي الحب أتبعه بذكر ما ينبت من النوى ، وهو القسم الثاني فقال : (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) [الأنعام : الآية ٩٩]. وهاهنا مباحث :
(الأول) : أنه تعالى قد ذكر الزرع على ذكر النخل ، وهذا يدل على أن الزرع أفضل من النخل ، وهذا المبحث قد أفرد الجاحظ فيه تصنيفا مطولا :
(المبحث الثاني) :
روى الواحدي عن أبي عبيدة أنه قال : أطلعت النخل إذا أخرجت طلعها ، وطلعها كيزانها من ذكر وأنثى قبل أن يشق عن الأغريض ، والأغريض يسمى طلعا أيضا قال : والطلع أول ما يرى من عذق النخلة الوحدة طلعة.
وأما قنوان فقال الزجاج : القنوان جميع قنو مثل صنوان وصنو ، وإذا ثنيت القنو قلت قنوان بكسر النون ، فجاء هذا الجمع على لفظ الاثنين. والإعراب في النون للجمع إذا عرفت تفسير اللفظ ، فنقول : قوله : (قِنْوانٌ دانِيَةٌ) [الأنعام : الآية ٩٩]. قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد العراجين التي قد تدلت من الطلع دانية ممن يليها ، وروي عنه أيضا أنه قال قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض. قال الزجاج : ولم يقل. ومنها قنوان بعيدة ؛ لأن ذكر أحد القسمين يدل على الثاني كما قال : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النّحل : الآية ٨١]. ولم يقل والبرد ؛ لأن ذكر أحد الضدين يدل على الثاني فكذا هنا ، قيل أيضا ذكر الدانية القريبة وترك البعيدة لأن النعمة في القريبة أكمل وأكثر.
(المبحث الثالث) :
قال «صاحب الكشاف» : قنوان رفع بالابتداء ، ومن النخل خبره ، ومن طلعها يدل منه كأنه قيل وحاصله من طلع النخل قنوان ، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا لدلالة أخرجنا عليه تقديره (ومخرجة من طلع النخل قنوان) ومن قرأ (يخرج منه حب متراكب) كان قنوان عنده معطوفا على قوله حب ، وقرئ (قنوان) بضم القاف وبفتحها على أنه اسم جمع كركب ؛ لأن فعلان ليس من زيادة التكسير ، ثم قال تعالى : (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) [الأنعام : الآية ٩٩]. وفيه أبحاث :