(البحث الأول) :
قرأ عاصم جنات بضم التاء ، وهي قراءة علي ـ رضي الله عنه ـ والباقون جنات بكسر التاء أما القراءة الأولى فلها وجهان :
(الأول) : أن يراد وثم جنات من أعناب أي مع النخل.
(والثاني) : أن يعطف على قنوان على معنى وحاصلة أو مخرجة من النخل قنوان وجنات من أعناب ، وأما القراءة بالنصب فوجهها العطف على قوله : (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : الآية ٩٩]. والتقدير وأخرجنا به جنات من أعناب ، وكذلك قوله : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) [الأنعام : الآية ٩٩]. قال صاحب الكشاف : والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص كقوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) [النّساء : الآية ١٦٢]. لفضل هذين الصنفين.
(البحث الثاني) :
قال الفراء قوله : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) [الأنعام : الآية ٩٩]. يريد شجر الزيتون وشجر الرمان كما قال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : الآية ٨٢]. يريد أهلها.
(البحث الثالث) :
اعلم أنه تعالى ذكر هاهنا أربعة أنواع من الأشجار : النخل والعنب والزيتون والرمان ، وإنما قدم الزرع على الشجر ؛ لأن الزرع غذاء وثمار الأشجار فواكه ، والغذاء مقدم على الفاكهة ، وإنما قدم النخل على سائر الفواكه ؛ لأن التمر يجري مجرى الغذاء بالنسبة إلى العرب ؛ ولأن الحكماء قد بينوا منافع ما في النخل من الأغذية والأدوية والمنفعة وقد تقدم كيفية ما في النخل من المنفعة ، والآن نذكر باقي فصيلته فنقول :
(الأول) : من النخيل الفوفل قال صاحب كتاب «ما لا يسع الطبيب جهله» : هو ثمر بقدر جوزة يوافي طعمه شيء من حرارة وبرودة شديد القبض.
وقال في منهاج البيان : هو ثمرة قوتها قريبة من قوة الصندل ، وشجرتها نخلة مثل نخلة النارجيل. انته ، واسم فوفل معرب عن الكوبل الهندي فجنسه عند النباتيين أريكا من الفصيلة النخلية ، والذي يسمونه في هذه الفصيلة بالكوز : هو مجموع أزهار مختلفة النوع محوية قبل نموها في غلاف ثنائي الصف ، فالذكور موضوعة في قمة الكوز ، والإناث في أسفله ، وكل من تلك الأزهار له كأس ذو ستة أقسام مصفوفة صفين ، فالباطن يسمى تويجا ويوجد في الأزهار المذكرة تسعة ذكور وفي الأزهار المؤنثة مبيض يعلوه ثلاثة فروج ، وفيما