الأخوين الغابي لكونهم يلفونه بورق الغاب أو بأوراق جافة من نخل آخر ، ودم الأخوين لا يذوب في الماء ، ويذوب في الزيوت والكؤل ، ومحلوله في الكؤل أحمر جميل ، وإذا عولج دم الأخوين بحمض الكذاب حصل منه مقدار من الحمض الجاوي ، ومسحوق دم الأخوين يقوى لونه الأحمر المسمر بمماسة الهواء فيصير أكثر لمعانا.
(في استعماله):
هذا الجوهر قد وضعه بوشرده في المنبهات ، وأغلب المؤلفين اعتبروه قابضا مكرشا شديدا ومجففا ومقويا فيستعمل في جميع الأحوال التي يلزم فيها انكماش المنسوجات وتقليل الإفرازات ، وقطع الفيضان ، فإذا يستعمل في ترهل الأعضاء والمنسوج الجلدي والسلانات البيض ، والمخاطية والإسهالات المصلية والمخاطية والأنزفة الضعيفة ونحو ذلك ، ويوصي به أيضا لإحياء القروح الضعيفة والرديئة الطبيعية والنزازة وغير ذلك.
(في استعمال القدماء):
وكانت القدماء يعرفون فيه الخواص المتقدمة حتى قالوا : إنه يحبس الدم والإسهال ، ويمنع سيلان الفضول ويدمل الجراحات الدامية ، ويلحم ضربات السيف ، ويقطع الدم الجاري منها ، ولو شربا أي استعمالا من الباطن ، وإذا احتقن به عقل الطبيعة وقوى الشرج ، ونقل ابن البيطار أنه لشدة قبضه يقطع نزف الدم من أي عضو كان ، وينفع من سحج الأمعاء والزحير إذا شرب أي استعمل منه نصف درهم في صفار بيضة نيمبر شت ويقوى المعدة وينفع من شقاق المقعدة ، ويستعمل هذا الجوهر في الصنائع محلولا في روح النبيذ للدهان الأحمر اللامع المستعمل في صناديق الصين ونحوها.
(في بيان المقدار وكيفية الاستعمال):
يستعمل مسحوقه من ربع درهم إلى ثلثي درهم وحبوبه شبية تصنع بأخذ ثلاثة دراهم من الشب ، وخمسة دراهم من دم الأخوين ، ومقدار كاف من العسل المورد يمزج ذلك ويعمل حبوبا كل حبة أربع قمحات ، ويستعمل منها ست ، فإذا علمت هذا فاعلم أن أنواع النبات أكثر من أن تفي بشرحها مجلدات ، فلهذا السبب ذكر الله تعالى هذه الأقسام الأربعة التي هي أشرف أنواع النبات ، واكتفى بذكرها تنبيها على البواقي ، وإنما قدم النخل على سائر الفواكه ؛ لأن الحكماء بينوا ما فيه من الأدوية ، وقد جعل تعالى فيه سكرا ورزقا حسنا على ما بيناه في قوله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) [النّحل : الآية ٦٧]