(الخامس في كيفية اختلاف طعمها):
إذا اعتبرت الثمار اللحمية بالنظر لطعمها يرى أنها مختلفة جدا على حسب الأنواع والأجناس ، ومع ذلك فيمكن نسبة أغلب هذا السبب إلى التأثير الخاص الذي عينه تعالى لخلايا كل ثمرة ، وهي تنوع السوائل التي تدخل فيها بكيفيات مختلفة على الأنواع ، ومما يثبت هذا التأثير هو أنه متى وضع طعم شجرة من الخوخ مثلا أي فرع منها على شجرة من البرقوق ، فإن طعم ثمار المطعم لا يتقاسم شيئا من طعم ثمار البرقوق ولو أنها متغذية من جذور هذه الشجرة ، وحينئذ فالغلافات الثمرية اللحمية يلزم أن تعتبر مجموع خلايا تنوع العصارة اللينفاوية التي تدخل فيها بكيفيات مختلفة ، وثمار الصنف الواحد تكون ذات طعم واحد دائما فإذا لم يكن الطعم واضحا على حد سواء في جميع نبات الصنف الواحد يمكن نسبة ذلك إلى التأثير المختلف للأسباب الثلاثة الحرارة والضوء والهواء.
(السادس في كيفية تأثير حلاوتها):
جعل تعالى الحرارة والضوء هما المؤثران أيضا اللذان يعينان على نضج الثمار ، ويكثران المادة السكرية فيها ، وحينئذ فالشجرة المظللة تتحصل منها ثمار أقل سكرية من ثمار شجرة من نوعها معرضة للشمس ، وحالة الأرض أي الرطوبة لها تأثير في طعم الثمار أيضا ، ففي الأرض الجافة حيث إن العصارة تدخل بمقدار قليل جدا في الثمر فخلاياته تصلحها إصلاحا تاما ، والأصول السكرية المضعفة : ماء أقل يكون طعمها أكثر وضوحا ، وفي الأرض الرطبة تكون العصارة أكثر مائية ، وبمقدار عظيم جدا فالخلايا لا يمكن أن تصلحها إلا إصلاحا غير تام فيصير الثمر كبير الحجم لكنه قليل الطعم ، وبظاهرة من هذا القبيل تعطي الأشجار الصغيرة ثمار أقل طعما من ثمار الأشجار الأكبر سنا حيث إنها تمتص عصارة أكثر مائية وأكثر مقدارا ، وهذه الملاحظات تبين لنا أيضا أن الثمار تكون أجود متى فصلت من الشجرة قبل نضجها التام ببعض أيام ، فهذه الثمار تحتوي حينئذ على جميع العصارات الضرورية لها ، فعند فصلها من شجرتها يمتنع وصول عصارات جديدة إليها فتنوع العصارة الموجودة تنويعا تاما.
(السابع في كيفية نضج الثمار ومدتها):
إذا اعتبر النضج بالنظر لمدته ترى أن الزمن الذي يمضي بين التلقيح والنضج التام يختلف باختلافات النباتات ، ولا يمكن نسبة هذا الاختلاف إلى سبب معلوم ، فبعض الأشجار تنضج ثمارها في شهرين كالكرز ، وبعضها في ستة أشهر كالسفرجل والكرم وجملة أشجار راتنجية تستدعي حولا كاملا والصنوبر ، ولا تظهر فيه بزور إلا بعد التزهر بسبعة وعشرين شهرا ،