(المبحث الأول في كلام كلي في مشتبهات هذه الأجناس الثلاثة):
نباتاتها أشجار وشجيرات ، وليس فيها حشائش ، وأوراقها متعاقبة كاملة ، ولها عصب مستطيل تصل إليه أعصاب جانبية ريشية تنضم نحو الطرف أو قربه بيسير ، ويوجد في تلك الأوراق كالقشور والكؤوس أيضا غدد شفافة مملوءة دهنا طيارا ولا تشاهد شفافيتها إذا كان منسوج الأوراق قوي الجلدية ، وربما عدمت من بعض الأجناس بالكلية ، ومعظم تلك النباتات أصلها من الأماكن الموضوعة بين المدارين ، ومنها ما يوجد في نصف الكرة الشمالي إلى الأقسام المعتدلة ، والآس الذي أوراقه كأوراق حشيشة المائة يكون في النصف الجنوبي إلى جزائر ملوين ، ويوجد في هولندة عدد كثير من الأنواع ، ومعظم نباتات هذه الأجناس يختص بغدد شفافة في منسوجها مملوءة بدهن طيار مريح يعطي للنباتات التي هو فيها رائحة عطرية وخواص منبهة حتى اشتهر كثير منها باستعمالها للزينة وفي المعالجات الطبية ، وتتميز تلك الأجناس عن الفصيلة النارنجية التي فيها غدد مثل ذلك بكثرة عدد ذكورها ، وتؤكل ثمار نباتات منها ، ويوجد في تلك الأجناس أزهار مريحة مقبولة للنظر ، ولذلك أنبتت في بساتين الغواة ، وتحتوي النباتات الآسية في قشر خشبها على راتينج وفي جذورها وثمارها قبل نضجها ، وأوراقها قاعدة قابضة صارت به أهلا لدبغ الجلود وللصبغ الأسود وغير ذلك ، والدهن الطيار فيها كثير ولا سيما في الأوراق والأزهار ، وتستعمل أوراق كثيرة منها كأوراق الشاي ولا تخفى منافع الرمان الآتية على الأثر ، ونباتات هذه الأجناس بالنظر لتركيبها وخواصها الدوائية نرى بينها وبين بعضها تشابها كما قال تعالى : (مُشْتَبِهاً) [الأنعام : الآية ٩٩]. في الآية المتقدمة ، وفي هذه الآية (مُتَشابِهاً) [البقرة : الآية ٢٥] حيث يوجد فيها قاعدتان رئيستان :
(إحداهما) : أدوم وألزم من الأخرى ، وهي القابضة ، ويظهر أنها مخلوط حمضي عفصي بمادة تنينية ، وتوجد في القشور والجذور والأوراق والأزهار والثمار وقبل النضج وبعده.
(وثانيتهما) : ليست بالطبيعة ثابتة لازمة ؛ لأن بعض النباتات خال منها ، وهي دهن طيار حريف شديد التهيج محوي حوصلات صغيرة شفافة كما قلنا توجد في الأوراق والقشور والأهداب والثمار ، والغالب انضمام هاتين القاعدتين ببعضهما في نبات واحد بمقادير متساوية تقريبا كما في الآس والقرنفل اللذين أوراقهما وقشورهما مبذور فيها تلك الحوصلات الدهنية ، وقد تتسلطن إحدى القاعدتين على الأخرى ؛ ولذا كانت أجزاء شجر الرمان كلها قابضة للغاية وليست عطرية ، وقد تتسلطن القاعدة الطيارة بكثرة كما في ميلا لوقا ، وهو شجر