قال صاحب الكشاف : السحاب اسم جنس والواحدة سحابة ، والثقال جمع ثقيلة لأنك تقول : سحابة ثقيلة وسحاب ثقال كما تقول امرأة كريمة ونساء كرام وهي الثقال بالماء.
(واعلم) أن هذا أيضا من دلائل القدرة وذلك لأن هذه الأجزاء المائية إما أن يقال إنها حدثت في جو الهواء ، أو يقال إنها تصاعدت من وجه الأرض والأول تكون من الثاني ، وتخصيص مخصص وهو أن يقال : إن تلك الأجزاء تصاعدت من الأرض ، فلما وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت فرجعت إلى الأرض ، وذلك لأن الأمطار مختلفة فتارة تكون القطرات كبيرة ، وتارة تكون صغيرة ، وتارة تكون متقاربة ، وأخرى تكون متباعدة ، وتارة تدوم مدة نزول المطر زمانا طويلا ، وتارة قليلا ، فاختلاف الأمطار في هذه الصفات على حسب الأزمنة بقيعات الأرض وشدة حرارة الشمس قوة وضعفا ، وأيضا فالتجربة دلت على أن للدعاء والتضرع في نزول الغيث أثرا عظيما ، ولذلك كانت صلاة الاستسقاء مشروعة ، فعلمنا أن المؤثر فيه هو قدرة الفاعل المختار.
(النوع الثالث) : من الدلائل المذكورة في هذه الآية الرعد وهو قوله : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) [الرّعد : الآية ١٣]. وفيه أقوال :
(القول الأول) : أن الرعد اسم لهذا الصوت المخصوص ، ومع ذلك فإن الرعد يسبح الله سبحانه ؛ لأن التسبيح والتقديس لله سبحانه وتعالى فلما كان حدوث هذا الصوت دليلا على وجود موجود متعال كان ذلك في الحقيقة تسبيحا ، وهو معنى قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : الآية ٤٤].
(القول الثاني) : أن المراد من كون الرعد مسبحا أن من يسمع الرعد فإنه يسبح الله تعالى ؛ فلهذا المعنى أضيف هذا التسبيح إليه.
(القول الثالث) : أما قوله : (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) [الرّعد : الآية ١٣].
فاعلم أن من المفسرين من يقول : عنى بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد ، فإنه سبحانه جعل له أعوانا ، ومعنى قوله : (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.) أي وتسبيح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته.
(النوع الرابع) : من الدلائل المذكورة في هذه الآية قوله : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) [الرّعد : الآية ١٣].
(اعلم) أن أمر الصواعق عجيب جدا ، وذلك لأنها نار تتولد في السحاب ، وإذا نزلت