فيما سقى بالدواليب ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وطاوس والضحاك فإن قالوا : كيف يؤدي الزكاة يوم الحصاد والحب في السنبل؟ وأيضا هذه السورة مكية وإيجاب الزكاة مدني؟ قلنا : لما تعذر إجراء قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ) [الأنعام : الآية ١٤١]. على ظاهره بالدليل الذي ذكرتم لا جرم حملناه على تعلق حق الزكاة به في ذلك الوقت ، والمعنى اعزموا على إيتاء الحق يوم الحصاد ولا تؤخروا عن أول وقت يمكن فيه الإيتاء والجواب عن السؤال الثاني لا نسلم أن الزكاة ما كانت واجبة في مكة بل لا نزاع أن الآية المدنية وردت بإيجابها إلا أن ذلك لا يمنع أنها كانت واجبة بمكة وقيل : أيضا هذه الآية مدنية.
(والقول الثاني) : إن هذا حق في المال سوى الزكاة وقال مجاهد : إذا حصدت فحضرت المساكين فاطرح لهم منه ، وإذا دسته وذريته فاطرح لهم منه ، وإذا كربلته فاطرح لهم منه وإذا عرفت كيله فاعزل زكاته.
(والقول الثالث) : إن هذا كان قبل وجوب الزكاة فلما فرضت الزكاة نسخ هذا ، وهذا قول سعيد بن جبير ، والأصح هو القول الأول ، والدليل عليه أن قوله تعالى : (وَآتُوا حَقَّهُ) [الأنعام : الآية ١٤١]. إنما يحسن ذكره لو كان ذلك الحق معوما قبل ورود هذه الآية ؛ لئلا تبقى هذه الآية مجملة وقد قال عليه الصلاة والسّلام : «ليس في المال حق سوى الزكاة». فوجب أن يكون المراد بهذا الحق حق الزكاة.
(البحث الثالث) :
قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) [الأنعام : الآية ١٤١]. بعد ذكر الأنواع الخمسة : وهو العنب والنخل والزرع الزيتون والرمان يدل على وجوب الزكاة في الكل ، وهذا يقتضي وجوب الزكاة في الثمار كما كان يقوله أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه ، فإن قالوا لفظ الحصاد مخصوص بالزرع ، فنقول لفظ الحصد في أصل اللغة غير مخصوص بالزرع والدليل عليه أن الحصد في اللغة عبارة عن القطع ، وذلك يتناول الكل ، وأيضا الضمير في قوله حصاده يجب عوده إلى قرب المذكورات ، وذلك هو الزيتون الرمان فوجب أن يكون الضمير عائدا إليه.
(البحث الرابع) :
قال أبو حنيفة ـ رحمهالله تعالى ـ : العشر واجب في القليل والكثير ، وقال الأكثرون : أنه لا يحب إلا إذا بلغ خمسة أوسق ، واحتج أبو حنيفة ـ رحمهالله تعالى ـ بهذه الآية فقال قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) [الأنعام : الآية ١٤١]. يقتضي ثبوت حق في القليل والكثير فإذا كان ذلك الحق هو الزكاة وجب القول بوجوب الزكاة في القليل والكثير وأما قوله