مصفر مقطوع القمة صلب دقيق الباطن وطعمه عذب سكري ، وأحيانا توجد حبوب بيض مصقولة مستديرة كثيرا أو قليلا تسمى بالشعير اللؤلؤي ، ولا فرق في الاستعمال بين الشعير الذي يؤخذ بهاتين الحالتين والشعير الصحيح إلا أن الصحيح يكاد لا يعطي للماء شيئا إلا إذا ترك فيه حتى يتشقق وأما الحالة الأولى من الحالتين فهي الأنسب مع الاحتراس على غسله أولا لأجل إخلائه من الجوهر المسحوق الحريف الذي يوجد على الغلاف الثاني ، وأما الحالة الثانية أعني التي أزيل فيها الغلالتان فالمغلي فيها يكون كثير اللزوجة والتغذية ، واستكشف المعلم بروست في دقيق الشعير جوهر مخصوصا ، وسماه شعيرية وسنذكره وفيه أيضا راتينج أصفر واثنان وثلاثون من النشا ، وخمس وخمسون من جوهره مركب من دقيق ومادة خشبية ، وخمسة من السكر ، وأربعة من الصمغ وثلاثة من مادة دبقة والإنبات له دخل غريب في تغيير مقادير تلك الجواهر ، فالنشا والسكر والصمغ يزيد مقدارها بخلاف المادة الدبقة فمائة جزء من دقيق الشعير المستنبت يؤخذ منها ستة وخمسون من النشا ، واثنا عشر من القشور ، وخمسة عشرة من السكر ، وخمسة عشر من الصمغ وواحد من الرتينج.
(في بيان الاستعمال)
المواد الكيماوية المحتوى عليها مطبوخ الشعير طبيعتها غذائية فالقوى المعدية تؤثر عليها وتغير طبيعتها وتحولها إلى كيلوس ، فحينئذ يفقد هذا المشروب فعله الدوائي ويكون مصلحا غذائيا خفيفا في الحقيقة ، وينسب الشعير لرتبة الجواهر المغذية المكثفة للأخلاط ، ولا يكون كذلك إذ لم تكابد مواده عملا هضميا ، وتأخذها الأوعية الماصة وتدخلها في الكتلة الدموية بصفاته الطبيعية ، فحينئذ تؤثر أجزاؤها في المنسوجات العضوية تأثيرا يرخيها ويضعف قوتها ، فتتولد حينئذ النتائج الخاصة بالدواء المرخي ، وكان مغلي الشعير كثير الاستعمال عند اليونانيين وسيما عند بقراط حتى أنه ربما أطلق عليه عند المتأخرين مغلي بقراط ، وإذا أطلق المغلي انصرف إليه وكان بقراط يغذي به المرضى في ابتداء الحميات والالتهابات ، وتارة يستعمله كدواء مرخ أو ملطف لتلطيف الاحتراق الحمي وتسكين اضطراب الأخلاط (وكان) سيدنام وأضرابه يعطونه في جميع الآفات التي يطلب فيها استعمال الملطفات ، ومنع التأثيرات المنبهة ، وأمر المؤلفون بالمغلي الدقيقي المصنوع من الشعير المقشر أو اللؤلؤي في التهابات الطرق الهضمية والآفات الإسهالية والاستفراغات الدوسنطاريا ، ونحو ذلك ، ومدحوه أيضا في آفات الطرق التنفسية كالالتهاب الرئوي الخفي ونفث الدم ونحو ذلك ، ويمزج كل كوب منه بملعقة من شرب الخطمية أو الصمغ العربي أو الشرب الشعيري أو غير ذلك ، وقد يضاف إليه لبن البقر إذا سمحت بذلك حالة المريض من زوال الحمى وجودة حال الأعضاء