الهضمية ، وجعلوا هذا المطبوخ غرغرة نافعة في الخناقات والقلاعات ويحلى حينئذ بشراب التوت ، وإذا قد علمت أن القاعدة المتسلطنة في مطبوخه هو الدقيق الذي هو غني عن الأصول المغذية علمت أنه ربما كان من المناسب قطع استعماله إذا كان من النافع منع أدنى تمثيل غذائي ، أو كان المعالج التهابا قوي الشدة ، أو كان هناك تكدر شديد حمى ، ففي هذه الأحوال يفضل عليه السائل اللعابي ، لأنه قليل التغذية ، وفعله المرخي شديد الفاعلية ، والخبز المصنوع من الشعير سنجابي اللون ثخين تتغذى جملة أقاليم به ، وكان غذاء قدماء المصريين أيضا ؛ لأن الخبز الذي وجد من آثارهم إنما كان من الشعير بدون تخمر خبزي.
(في المقدار وكيفية الاستعمال)
الشعير المقشور يصنع مطبوخه بمقدار من خمسة دراهم إلى عشرة دراهم في مائة درهم من الماء ، ومغلي الشعير يصنع بأخذ جزء من الشعير المقشور وجزءين من شراب الخطمية ، وثمانين من الماء ، ومطبوخ الشعير في المارستانات يصنع بأخذ عشرة دراهم من الشعير ، ودرهم ونصف من عرق السوس ، ومائتي درهم من الماء ومطبوخ الشعير المركب يصنع بأخذ أربعة وستين جزءا من مطبوخ الشعير ، وأربعة من كل من التين والزبيب وجزء واحد من عرق السوس واثنين وثلاثين من الماء ، وأوصى بعضهم بتبديل الشعير الاعتيادي بالشعير المستنبت ، والدال على جودة هذه التبديل أن غلاف الحبوب يحتوي على مادة خلاصية صفراء طعمها مركزية وتذوب في الماء فمن المهم تعرية الشعير من هذا الغلاف إذا أريد منه مشروب مزج ، لأن مغلي الشعير الكامل يوجد فيه دائما حرافة حقيقة تؤذي ممارسة الخاصية الملطفة التي في قواعده الأخر ، ولا توجد تلك الحرافة في المطبوخات المحضرة من الشعير المقشر أو الشعير اللؤلؤي ، وإنما تقوم من مادة دقيقية أو نشاء تذوب إذا وصل الماء لدرجة الغلي ، وفيها سوى ذلك مقدار يسير جدا من الصمغ والسكر ، وقد رأينا أن هذه القواعد توجد في التركيب الخاص للشعير الذي لم يتسلط عليه ، ثم إذا أمر للمريض بمغلي الشعير كمشروب دوائي حلي بالعسل أو بالسكر أو بشراب ما ، واعتيد طرح الماء الأول الذي غلى فيه ولا يستعمل إلا بمطبوخه الثاني ، فتوضع ستة دراهم من هذا الجوهر لمائة درهم من الماء ، فيحصل في الحبوب تغير عظيم الاعتبار ، بأن ينتفخ جوهرها ويلين ويكابد نوع تمزق ينكشف به ما في باطنها ، فإذا انفتحت الحبوب مزق الماء أغشية حبوب النشاء وأذاب الجوهر النشائي ويكون السائل أكثر تحملا كلما كانت كمية الشعير أكثر ومدة الغلي أطول ، ويستعمل من الظاهر مطبوخ الشعير غسلات وكمادات وغراغر وحقنا فيصنع غرغرة محمضة مركبة من خمسين درهما من مطبوخ الشعير وثلاثة دراهم من الخل ويصنع من دقيقه ضماد فيعمل ضمادا محللا من ستين درهما من دقيق الشعير وثلاثين درهما من الصابون ومقدار كاف من الماء.