هو أن رأس القوس يكون موضوعا على خط الزوال ، والمنسوب للمحل الذي توجد فيه ، والغالب ظهور هذا الضوء جهة الشمال ، ويكون فيه ميل قليل جهة المغرب ، وقالت البادون نوره يشبه نور شعلتين عظيمتين منبسطتين في الهواء تهتزان في جهة الهواء تتصادمان فتنطبقان ، ثم تستقلان بسرعة عجيبة ، وعلامة ظهور هذا الفجر أن يشاهد بعض استضاءة في ناحية الشمال ثم يظهر تفجج نور فوق الأفق ، ويمتد بغير انتظار في جهة سمت ذلك الأفق ، ثم يشاهد عمودان عظيمان من نار أحدهما في ناحية المشرق ، والثاني في ناحية الغرب يصعدان نحو السماء وليسا متساويين في ذلك الصعود ، بل يكون أحدهما أقصر من الآخر ، ثم تتغير ألوانهما من الصفر ، إلى الخضرة ، ثم إلى الأرجوانية اللامعة ثم يميل كل من العمودين رأسه إلى الآخر حتى يتلامسا فيكونان قوسا والمسافة التي بين العمودين يكون فيها بعض عتمة لكون قد تقطعها أضواء سائرة من أحد العمودين إلى الآخر لحظة فلحظة فيكون القوس متقطعا بسهام من نار تخرج من رأس القوس وتشق السماء شقا عموديا ، ثم تجتمع هذه السهام ويتكون منها ما يسمى بتاج الفجر الكاذب فإذا تم تكون هذا التاج تم ظهور الفجر فيبدو زاهيا بأضوائه ، ثم بعد مدة يسيرة يكبر وتضمحل الأنوار فهذا حال الأسفار الشمالي في حال كماله ، لكنه يندر أن يكون كاملا بل هو كما ذكروا غير واضح الظهور.
(الشيء الثاني):
في قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠)) وفيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
اعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الكواكب في سماء الدنيا لفائدتين :
(أولاهما) : تزينها كما قال : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦)) [الصّافات : الآية ٦]. في ذلك وجوه :
(الأول) : أن النور والضوء أحسن الصفات ، وأكملها فإن حصول هذه الكواكب المشرقة المضيئة في سطح الفلك لا يبقي الضوء والنور في جرم الفلك بسبب حصول هذه الكواكب فيها قال ابن عباس : (بزينة الكواكب) أن بضوء الكواكب.
(الثاني) : يجوز أن يراد أشكالها المتناسبة المختلفة كشكل الجوزاء وبنات نعش والثريا وغيرها.