حصل منه كما ذكرنا طعم لذاع حار مع مرارة يسيرة ، فإذا وصل مسحوق النبات أو الماء المتحمل لقواعده الفعالة إلى المعدة أثر على السطح المعدي تأثيرا منبها فتظهر الخواص الحيوية فيه ظهورا وقتيا ، ويحس في الباطن بحرارة تكون أشد كلما كانت المعدة أقوى حساسية وأعظم تهيجا ، وثبت من المشاهدات أنه يفتح الشهية ويحدث فاعلية غير اعتيادية في ممارسة الوظائف الهضمية وغير ذلك ، وقد علمت أن سبب هذه النتائج هو التنبه الحادث منه ، فإذا استعمل منه مقدار كبير بحيث نفذت قواعده الفعالة في المجموع الحيواني امتد تأثيره لجميع المجموعات العضوية ويشهد لذلك حالة وظائف الحياة فيصير النبض أسرع والحرارة الحيوانية أعظم شدة ، وإذا انضم لذلك ملازمة السرير والتدثر مثلا استيقظت حيوية الجلد فيكثر التبخير الجلدي ، ولذلك يعدون النعنع من الجوهر المعرقة ، ولما شاهد الأطباء تأثيره في المخ والضفائر العصبية المنسوبة للعصب العظيم الاشتراكي قالوا : إن استعماله يقوي الحافظة ويحد الذهن ، ويفرح النفس ، ويزيل الهم ، وتلك النتائج تكون أقوى وأوضح في النعنع الفلفلي منها في غيره لما عملت أنه يحتوي على مقدار عظيم من الدهن الطيار الكافوري كما يحتوي أيضا جزء يسير من قاعدة قابضة ، فلذا كانت رائحته قوية جدا ، وتأثيره في الفم عند المضغ أشد ، تكون أولا حرارته في اللسان وسقف الحنك ، ثم تمتد لجميع تجويف الفم ثم تتبدل ببرد يزيد إذا فتح الفم أو استنشق الهواء الخارج ، ويظهر أن ذلك إحساس في هذا النوع أو في غيره ناشئ من التصاعد للمواد الموجودة في الفم ، وذلك التأثير المزدوج المتتابع للحر والبرد هو الذي صير أقراص النعنع مقبولة لطيفة ، فإذا استعمل منها جملة كثيرة في مرة واحدة سخنت المعدة وربما آذت الأشخاص الذين فيهم هذا العضو قابل للتهيج ، وكذلك الهدن الطيار لها النعنع شديد الحرافة فإذا كان خالصا سبب تهيجا محرقا في الأغشية المخاطية التي تلامسه وإذا كان مخلوطا بالسكر في القراص فإن فاعليته تنكسر بذلك السكر ، إذا ذاب السكر المشتت لأجزائه السوائل المحوية في المعدة ، فإن شدة حدته ترجع له ، وربما حصل من ذلك ضرر شديد ، وكذلك ماؤه المقطر والذي يدل على سعة تأثيره في الطرق الهضمية والمحال المتهيجة حس احترق يحدث فيها.
(في النتائج الدوائية)
تستعمل النباتات النعنعية مع النجاح إذا صار الهضم المجهز للتغذية ضعيفا أو غير تام بسبب الضعف المادي لأغشية المعدة أو نقص حيويتها وكذا إذا كانت الأغذية تنفذ للأمعاء قبل أن تتحول إلى كيموس وقد تتطلف القولنجات بالنعنع إذا كانت ناشئة من تكدر في الهضم ناتج من الضعف المادي أو الحيوية للمنسوجات المعوية وكذا لقطع الإسهال الناشئ من عدم كمال