بسم الله الرّحمن الرّحيم
(في قوله تعالى :
(وله الجوار المنشآت فى البحر كالأعلام (٢٤)) [الرّحمن : الآية ٢٤]).
وفيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
ما الفائدة في جعل الجواري خاصة له ، وله السماوات وما فيها والأرض وما عليها ، نقول هذا الكلام مع العوام فذكر ما لا يغفل عنه من له أدنى عقل فضلا عن الفاضل الذكي ، فقال : لا شك الفلك في البحر لا يملكه في الحقيقة أحد إذ لا تصرف لأحد في هذا الفلك ، وإنما كلهم منتظرون رحمة الله تعالى معترفون بأن أموالهم وأرواحهم في قبضة قدرة الله تعالى ، وهم في ذلك يقولون لك الفلك ولك الملك ، وينسبون البحر والفلك إليه ، ثم إذا خرجوا ونظروا إلى بيوتهم المبنية بالحجارة والكس ، وخفي عليهم وجوه الهلاك يدعون مالك الفلك ، وينسون من كانوا ينسبون البحر والفلك إليه ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) [العنكبوت : الآية ٦٥]. الآية.
(المسألة الثانية) :
الجواري جميع جارية وهي اسم للسفينة أو صفة ، فإن كانت اسما لزم الاشتراك ، والأصل عدمه وإن كانت صفة ، فالأصل أن تكون الصفة جارية على الموصوف ، ولم يذكر الموصوف هنا ، فنقول : الظاهر أن تكون صفة التي تجري ، ونقل عن الميداني أن الجارية السفينة التي تجري لما أنها موضوعة للجري ، وسميت المملوكة جارية ؛ لأن الحرة تراد للسكن والازدواج ، والمملوكة لتجري في الحوائج لكنها غلبت في السفينة ؛ لأنها في أكثر أحوالها تجري ، ودل العقل على ما ذكرنا من أن السفينة هي التي تجري غير أنها غلبت بسبب الاشتقاق على السفينة الجارية ، ثم صار يطلق عليها ذلك لم تجر حتى يقال للسفينة الساكنة أو المشدودة على ساحل البحر جارية لما أنها تجري وللمملوكة