(في الاستعمالات الدوائية):
نقول أولا : ذكر في قاموس العلوم الطبيعة أن الشروح والبيانات التعليمية التي ذكرت للزوفا لم يعرف منها معرفة صحيحة أن النبات المسمى الآن بالزوفا ، هو الذي سماه ديسقوريدس أيسقوس ، وهو المسمى في التوراة عند العبرانيين أيذوب وأيسوف ؛ ولذا ظن بعضهم أن نبات ديسقوريدس نوع من طميرا يسمى عند لينوس طميرا سبيكا ، وهو نوع من السعتر ، وظن آخرون أنه يلزم كونه أصغر نبات معروف حسبما فهم من عبارة التوراة حيث قال فيها : إن سليمان يعرف النباتات من السدر إلى أيسوف ، وهؤلاء زعموا أنه الموس الصغير الذي ينبت على حيطان بيت المقدس فإلى الآن لم يتحقق جيدا توافق اليونانين والرومانيين معنا على الزوفا المعروفة الآن ؛ لأنهم لم يتركوا للناشر شروحا كافية لنباتهم حتى نرى موافقتها ، أو عدم موافقتها لنباتنا ، وكذلك الشروح الي ذكرت في كتب المتقدمين التابعة غالبا لكتب اليونانيين ، فقد نقل ابن البيطار عن إسحاق بن عمران أن الزوفا حشيشية تنبت بجبال القدس وتنفرش أغصانها على وجه الأرض في طول الذراع أو أكثر أو أقل ، ولها ورق وأغصان شبيهة بأوراق ، وأغصان المرزنجوش ، ويكون الورق أخضر في بدء أمره ثم يصفر ، ولها رائحة طيبة وطعم وتجتمع في أيام الربيع. اه.
ولكن المعول عليه هو شرح المتأخرين وتجريباتهم ، وربما وافقتهم أيضا شروح حكماء العرب ، ثم إنك قد عملت رائحة الزوفا وطعمها فلها تأثير في الأعضاء كتأثير النباتات الشفوية السابقة ، وينتج منها الجسم نتائج طبية كنتائجها الصحية فإنها إذا أثرت على المنسوجات الحية أظهرت حيويتها ، فيشاهد تواتر حركة الأجهزة العضوية وإيقاظ ممارسة وظائفها العضوية ، ويعرف من تلك المستنتجات تأثير دهنها الطيار المارة أجزاؤه في الدم.
وأما قوة القواعد الأخر المحتوية هي عليها فلا يمكن تحقيقها فإذا استعملت الزوفا استعمالا دوائيا كان تأثيرها بقوتها المنبة فلا تنال منافع من استعمالها في علاج آفات مرضية إلا من تأثير هذه القوة في الأعضاء المريضة ، ومن التغيرات التي تحدثها في حالتها الطبيعية ، وقد يستعمل منقوعها قبل الأكل لتقوية فاعلية الوظائف الهضمية أو زيادة الحياة في الجهاز المعدي ، ولكن أكثر ما تستعمل في آفات المجموع الرئوي ؛ ولذلك اعتبروا منقوعها وماءها المقطر وشرابها من الفواعل الممتعة بخاصية دفع النفث ، فإذا كان منسوج الرئتين مسترخيا أو لينا أو كانت قوتهما الدافعة ضعيفة ، كان استعمال هذا الدواء معينا على خروج المواد المخاطية التي في الخلايا الشعبية ؛ لأن قواعده توقظ حيوية المنسوج الرئوي فتسهيله للنفث إنما هو بخاصيته المنبهة المشاهد فعلها في الرئتين حالة المرض.