(والجواب) : أن الناس الساكنين على سطح كرة الأرض إذا نظروا إلى السماء فإنهم يشاهدونها مزينة بهذه الكواكب ، وأيضا الساكنون في كل كوكب يرون سماء كسمائنا فصح قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦)) [الصّافات : الآية ٦].
(المسألة الثالثة) :
الزينة مصدر كالنسبة واسم لما يزان به كالليقة اسم لم تلاق به الدواة قال صاحب الكشاف ، قوله : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [الصّافات : الآية ٦]. يحتملهما فإن أردت المصدر فعلى إضافته إلى الفاعل أي بأن زينتها الكواكب أو على إضافته للمفعول أي بأن زان الله الكواكب وحسنها لأنها إنما زينت السماء لحسنها في أنفسها وإن أردت الاسم فللإضافة وجهان أن تقع الكواكب بيانا للزينة ؛ لأن الزينة قد تحصل بالكواكب وبغيرها وأن يراد ما زينت الكواكب.
(المسألة الرابعة) :
في بيان كيفية كون الكواكب زينة للسماء وجوه :
(أحدها) : أن النور والضوء أحسن الصفات وأكملها فإنه بحصول هذه الكواكب المشرقة المضيئة في سطح الفلك لا جرم بقي الضوء والنور في جرم الفلك بسبب حصول هذه الكواكب فيها. قال ابن عباس : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [الصّافات : الآية ٦]. أي بضوء الكواكب.
(الوجه الثاني) : يجوز أن يراد أشكالها المتناسبة المختلفة كشكل الجوزاء وبنات نعش والثريا وغيرها.
(والوجه الثالث) : يجوز أن يكون المراد بهذه الزينة كيفية طلوعها وغروبها.
(والوجه الرابع) : أن الإنسان إذا نظر في الليلة الظلماء إلى سطح الفلك ، ورأى هذه الجواهر الزواهر مشرقة لامعة متلألئة على ذلك السطح الأزرق فلا يشك أنها أحسن الأشياء وأكملها في التركيب والجوهر ، وكل ذلك يفيد كون هذه الكواكب زينة.
(المسألة الخامسة) :
في قوله :(وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧)) [الصّافات : الآية ٧]. وفيه بحثان:
(البحث الأول فيما يتعلق باللغة):
فقوله : (وَحِفْظاً) [الصّافات : الآية ٧] أي وحفظناها حفظا قال المبرد : إذا ذكرت فعلا