(مسألة مهمة) :
في قوله تعالى : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)) [عبس : الآيات ٢٧ ـ ٣١].
وفيه مسائل :
(الأولى) : ذكر تعالى ثمانية أنواع من النبات أولها : الحب وهو المشار إليه بقوله : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧)) [عبس : الآية ٢٧]. وهو كل ما حصد من نحو الحنطة والشعير وغيرهما كما تقدم ، وإنما قدم ذلك ؛ لأنه الأصل في الأغذية.
(وثانيها) : قوله : (وَعِنَباً) [عبس : الآية ٢٨]. وإنما ذكره بعد الحب ؛ لأن الفاكهة غذاء من وجه وفاكهة من وجه.
(وثالثها) : قوله : (وَقَضْباً) [عبس : الآية ٢٨]. وفيه قولان :
(الأول) : أنه الرطبة ، وهي التي إذا يبست سميت بالقت ، وأهل مكة يسمونها بالقضيب ، وأصله من القطع وذلك ؛ لأنه يقضب مرة بعد أخرى ، وكذلك القضيب ؛ لأنه يقضب ، أي يقطع ، وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل واختيار الفراء وأبي عبيدة والأصمعي.
(والثاني) : قال المبرد : القضيب هو العلف بعينه وأصله من أنه يقضب ، أي يقطع ، وهو قول الحسن.
(ورابعها وخامسها) : قوله : (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩)) [عبس : الآية ٢٩]. ومنافعهما قد تقدّمت.
(وسادسها) : قوله : (وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠)) [عبس : الآية ٣٠]. الأصل في الوصف بالغلب الرقاب فالغلب الغلاظ الأعناق الواحد أغلب يقال : أسد أغلب. ثم هاهنا قولان:
(الأول) : أن يكون المراد وصف كل حديقة بأن أشجارها متكاثفة متقاربة ، وهذا قول مجاهد ومقاتل قالا : الغلب الشجر الملتف بعضه في بعض يقال : اغلولب العشب واغلولبت الأرض إذا التف عشبها.
(الثاني) : أن يكون المراد وصف كل واحد من الأشجار بالغلظ والعظم كالدلب والصنوبر قال عطاء عن ابن عباس يريد الشجر العظام كالسرور والحور ، وقال الفراء : الغلب ما غلظ كالجوز والنخل.