(وسابعها) : قوله : (وَفاكِهَةً) [عبس : الآية ٣١]. وقد استدل بعضهم بأن الله تعالى لما ذكر الفاكهة معطوفة على العنب والزيتون والنخل وجب أن لا تدخل هذه الأشياء في الفاكهة معطوفة على الظاهر ؛ لأن المعطوف مغاير للمعطوف عليه.
(وثامنها) : قوله : (وَأَبًّا) [عبس : الآية ٣١] ، الأب هو المرعى قال صاحب الكشاف : لأنه يؤب أي يؤم وينتجع والأب والأم إخوان قال الشاعر :
جذمنا قيس ونجد دارنا |
|
ولنا الأبّ به والمكرع |
وقيل : الأب الفاكهة اليابسة ؛ لأنها تؤب للشتاء ، أي تعدّ ، ولما ذكر الله تعالى ما يغتذى به الناس والحيوان قال : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣)) [النّازعات : الآية ٣٣].
قال الفراء : خلقناه منفعة ومتعة ولكم ولأنعامكم.
وقال الزجاج : هو منصوب ؛ لأنه مصدر مؤكد لقوله : (فَأَنْبَتْنا) [النّمل : الآية ٦٠] لأن إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان.
(واعلم) أن الله تعالى لما ذكر هذه الأشياء وكان المقصود منها أمورا ثلاثة إلى عبيده :
(الأول) : الدلائل الدالة على التوحيد.
(الثاني) : الدلائل الدالة على القدرة على المعاد.
(الثالث) : أن هذ الإله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان لا يليق بالعاقل أن يتمرد عن طاعته ، وأن يتكبر على عبيده أتبع هذه الجملة بما يكون مؤكدا لهذه الأغراض وهو شرح أحوال القيامة فإن الإنسان إذا سمعها خاف فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل والإيمان والإعراض عن الكفر ، ويدعوه ذلك أيضا إلى ترك التكبر على الناس وإظهار التواضع إلى كل أحد.
(المسألة الثانية) :
في قوله تعالى : (وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠)) [عبس : الآية ٣٠]. أصل الوصف بالغلب الرقاب ، فالغلب الغلاظ الأعناق ، والحدائق الغابات ، والمراد الأشجار الغلاظ الطوال كالسرو والصنوبر وفيه مباحث : الأول :
(في الفصيلة المخروطية):
جعل تعالى في هذه الفصيلة كثيرا من أشجار عظيمة الاهتمام ثمرها مخروطي ؛ ولذا