بالاختصار إن الاهتمام بتلك الأشجار إنما يكون بالأكثر بسبب ما تحتوي عليه من المواد الراتنجية الشبيهة بالبلسمية ، وهي حارة مرة الطعم حريفة ، وتسمى في حال الصلابة بالراتنج ، وفي حالة السيولة بالترنبتينا بحيث إن الإغصان أغلبها يحترق كالمشاعل ، وتستعمل في الجبال للاستصباح والإضاءة ، وكان ذلك معروفا عند اليونانيين الذين كانت عندهم لأنواع الصنوبر ومستنتجاتها رموز مختلفة ، وأصحاب الدرجة الأولى من المصريين وغيرهم يتنوحون بأوراقها.
وأزرار الصنوبر كثيرة الراتنجية ؛ ولذلك تستعمل في الطب منقية ومضادة للحفر ونحو ذلك ، ويصنع منها نوع فقاع ، ويوجد أيضا على الصنوبر مستنتج إفرازي آخر سكري ، وهو نوع من المن عظيم الاعتبار وإن كان قليلا ، وقد يوجد عليه مادة صمغية شبيهة بالصمغ العربي ، ويخرج راتينج الصنوبر بنفسه إذا تراكم بين الخشب والقشر ، وذلك يحصل بالأكثر في الراتنج السائل ، وقد يضطر لعمل شقوق في الشجر ، ويسمى الخارج حينئذ بأسماء مختلفة ، ويذاب هذا الراتنج بالحرارة ، وهو في الماء ويضرب فيه ثم يصفى ، وبذلك تزول منه وساخته ، ويسمى حينئذ بالزفت الأبيض والزفت الدسم والراتينج الأصفر ، أما إذا قطر فإنه ينال منه الدهن الطيار وتسمى الفضلة الزفت اليابس وقفونيا ، وإذا أحرق خشب الصنوبر في جهاز مناسب سال منه عصارة راتينجية سوداء تسمى بالقطران ويسبح على وجهها جوهر أكثر سيولة يسمى زيت كاد فإذا قرب هذا القطران لدرجة الغلي في الماء حصل الزفت الأسود الذي يفصل منه أيضا جزء سائل يسمى دهن الزفت ، وإذا أخذ مناسبا دخان الأجزاء الراتنجية للصنوبر وأخشابها الملتهبة حصل منه هباب يسمى بالهباب الأسود ، وجميع الجوار الراتنجية المسماة بأسماء مختلفة باختلاف المحال متشابهة في الخواص ، وتتجهز أيضا في نباتات فصائل أخر كما هو مذكور في مبحث الترنبتينا وراتينج الصنوبر مستنتجاته الأخر مستعملة في الصنائع وفي الطب ، ويستخرج منها دهن الترنبتينا الذي استعماله شهير في الطب ، يصنع منها صابون ، ويصنع منها أيضا مراهم وقيروطيات ، وأطال أطباء العرب من القدماء الكلام في الصنوبر وأصنافه وصفاته ومنافعه وهو قريب من تجريبات المتقدمين.
(في أنواع الصنوبر):
أنواع الصنوبر كثيرة مشتتة في أماكن يقل في بعضها ذهاب المعلمين لها ، والعلة اشتباه مستنتجاتها ببعضها ولا خطر في ذلك ؛ لأن خواصها متشابهة ولنجعل الأنواع ثلاثة :
(النوع الأول من الصنوبر الذي ورقه ثنائي):
من أنواع الصنوبر الثنائية الورق ، أي التي أوراقها ينضم كل اثنين منها في غمد ما يسمى