وأما قوله : (مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) [الأنعام : الآية ١٤١]. فاعلم أنه يوجد بعض فصائل تدخل تحتها نباتات متشابهة البنية ومع ذلك خواصها الطبية مخالفة لبعضها جدا ، مثلا الفصيلة الفوّيّة فإنها تحتوي على نباتات طاردة للحمى وأخرى منبهة وأخرى مقيئة وحينئذ فلا يمكن أن تقوم نباتات من هذه الفصيلة مقام الأخرى ، لكن الفصائل الطبيعية التي يوجد فيها عدم الانتظام قليلة العدد جدا بالنسبة للفصائل التي توجد فيها مشابهة بين الأوصاف النباتية ، والخواص الطبية وحينئذ فتكون النباتات مرتبة على فصائل مشتبهة وفصائل متشابهة ، وكل منهما مع بعضهما تتكون عنه الرتب المتشابهة وغير المتشابهة.
(الرتبة الأولى النباتات اللافلقية وفيها فصائل أربع)
(الفصيلة الأولى الأشنية):
تنبت هذه النباتات على شواطئ جزيرة الكورس ، وتجنى من الصخور ، وقد عدّ النباتيون منها نحو اثنين وعشرين نوعا ، والمهم منها هي أشنة الكورس ، ورائحتها بخرية كريهة ، وطعمها مالح جدّا ، وخواصها طاردة للدود وتعطي منقوعا أو مسحوقا ، وتدخل في تركيب الهلامات والبقسماط ؛ لأجل اختفاء رائحتها وطعمها الكريهين ، ومقدار الاستعمال من عشرين قمحة إلى درهم وثلث إلى درهمين أو ثلاثة في ثلاثين درهما من الماء ، وقد يستعرض الماء باللبن ، وقد استعملها بعضهم في الاستحالات الأسكيروسية للغدد ، وحصل منها النجاح فتعطي منقوعا أو مطبوخا يجهز من عشرة دراهم من الأشنة في ليتر من الماء يؤخذ تدريجا ، والغالب على الظن أن الأشنة إذا أحدثت بعض نتائج جيدة في هذه الأحوال يكون ذلك بسبب اليود الكائن فيها ، فمن المحقق أنه يحدث ضمور في المجموع الغددي غالبا.
وقد أوصى جملة من المؤلفين باستعمال رماد أنواع الأشنة ، ومن جملتها رماد الأشنة الحوصلية في معالجة نمو الغدة الدرقية ، وهي المسماة بالسلعة النقية ، وقد تحقق بعضهم بتجاريب عديدة أن خاصية هذا الرماد في إزالة الغدة الدرقية ناشئة عن اليود الموجود فيه ، ومن منذ سنين استعملت الأشنة اللؤلؤية ، أي الجعدية ، وهي كثيرة الوجود على شواطئ البحر المتوسط ، وجوهرها غضروفي ، وأوراقها بيضاء وردية أو مائلة للصفرة قليلا جعدية ، وهذا النوع لا طعم له ولا رائحة ويجهز منه بواسطة الطبخ مقلي وهلام ملطفان جدا ، أوصى باستعمالها في أمراض الصدر كاستعمال الحزاز الأزلاندي ، وتستعمل في بعض البلاد غذاء يقوم مقام السحلب والأروروت الذي نشأ يتحصل من نباتات الفصيلة الحبهانية.