تقريظ الطبعة الأولى
(يقول المتوسل بخير من وطئ البساط طه بن محمود قطرية المنسوب إلى دمياط):
حمدا لمن منّ على أحبابه بكشف أسرار كتابه ، وآتاهم من بديع حكمته ما لم يؤت أحدا من العالمين ، وأفرغ على قلوبهم من شآبيب المعارف ما ميزوا به بين حقائق الأشياء.
واستخلصوا الغث من السمين ، كيف لا وقد جذبهم إلى وداده مغناطيس المحبة ، وقصر عقولهم بعقال الشوق إليه ، فلم يلتفوا إلى سواه منها بمثقال حبه.
(وصلاة) وسلاما على سيدنا محمد المصطفى جوهر وجوده من أكدار البشرية المنتقاة بذرته من أطيب العناصر القرشية ، وعلى آله الذين داووا بمراهم المكارم أمراض القلوب ، وأصحابه الذين حسوا بمجاهداتهم عروق الأحقاد والذنوب.
(أما بعد):
فكم لله من نعمة سابغة ، وحجة على خلقه ناطقة بأنه المتصرف في الأكوان بالحكمة البالغة ، وإن من أجل نعم الله على عامة الناس وخاصة عصابة الأطباء والحكماء المهرة الأكياس الكتاب الذي انتهت إليه رياسة الأطباء ، واختلفت إلى أبوابه وجوه جماهير الحكماء الذي حوى ما نطق به اسمه «كشف الأسرار النورانية القرآنية» ، وجمع فأوعى ما أذعنت بصدقه حملة الكتاب ، ونقله السنة المحمدية الباحث عن معاني الآيات بما هو للطيب عدة ودواء وللمشرح آي يهتدي بها إلى تشخيص الداء ، وتحليل تركيب الأعضاء وللنباتي أنموذج يحذو على قباله ، ويرسم في استنبات النبات على مثاله ، وللحكيم مستند يستند في النظر عليه ، ومرجع يرجع عند إشكال الحقائق شيئا إلا سهل سبيل الوصول إليه مقتفيه فالله دره مؤلفا على حداثة عهده سبق به هذا العصر ما تقدمه ، وما يأتي من بعده مؤلف تألف القلوب على اعتباره غاية ما يدخل تحت الإمكان من أبناء هذا العصر الذي تقاعست همم أهله ، وعمت قلوبهم طوراق الحدثان فما أولاه بأن تتباهى به الليالي ، وتبذل في تحصيله نفائس النفوس قبل اللآلئ ، وتتسابق فيه همم الكرام ، وتعدوا إليه القلوب الأقدام ، فلا يفي بمحاسبة واصف دون الاطلاع عليه ، ولا يبلغ الإحاطة بفضائله بليغ مثل من صرف عنان نظره إليه ، وقد بلغ بطبعه المأمول ، وسهل لطالبيه إليه الوصول ؛ إذ أتاح الله طبعه على ذمة مؤلفه الأمثل والإمام الهمام الألمعي الفيصل من كاثرت به دمشق الشام سواها ، ويهرب بحلول بدره الباهر من كافحها ، وباواها البارع في علمي الطيب والجسماني والروحاني المولى الفاضل محمد بن أحمد الإسكندراني أبقاه الله بقا الدهر وأجزل له على صنيعه الأجر.