فقال بعضهم : إنه يمكن أن يكون آتية من براكين القمر أي جبال نيرانه ولذلك سموها بحجارة القمر ، وقال بعضهم : إنها بقايا كواكب وبقايا الهيولى الأصلية تأليفها (٦) ، وانتظام العالم منها ، وبعضهم اعتبرها أجراما صغيرة كوكبية في أعمار مختلفة من تكونها تجذبها الأرض في كرة جذبها ، وقال بعضهم : إنها مجتمع جو ضوئي لذوات الأذناب وهناك ، آراء غير ذلك فلا حاجة لإيرادها هاهنا.
(في بيان قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)) [يونس :الآية ٥])
وفي الآية مسائل :
(المسألة الأولى) :
(اعلم) أنه تعالى ذكر في هذه الآية أنه جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل ؛ ليتوصل المكلف بذلك إلى معرفة السنين والحساب فيمكنه ترتيب مهمات معاشه من الزراعة الحراثة ، وإعداد مهمات الصيف والشتاء وأوقات العبادات ، والاستدلال بأحوال الشمس والقمر من الوجهين المذكورين في هذه الآية مما يدل على التوحيد من وجه ، وعلى نعم الله تعالى من وجه آخر.
(المسألة الثانية) :
الاستدلال بأحوال الشمس والقمر على وجود الصانع المقدر هو أن يقال الأجسام في ذواتها متماثلة وفي ماهياتها متساوية ، ومتى كان الأمر كذلك كان جسم الشمس بضوئه الباهر وشعاعه القاهر واختصاص جسم القمر بنوره المخصوص لأجل الفاعل الحكيم المختار ، أما بيان أن الأجسام متماثلة في ذواتها وماهياتها فالدليل عليه أن الأجسام لا شك أنها متساوية في الحجمية والتحيز والجرمية فلو خالف بعضها بعضا لكانت تلك المخالفة في أمر وراء الحجمية والجرمية ضرورة أن ما به المخالفة غير ما به المشاركة ، وإذا كان كذلك فنقول إن ما به
__________________
(٦) قوله : تأليفها ... إلخ. كذا بالأصل وحرر. اه.